مع النمو السكاني الكبير والزيادة في نسب البطالة وعدم قدرة مؤسسات الدولة والقطاع الخاص على استيعاب تلك الأعداد، أصبحت الحاجة ملحة إلى إعادة النظر في دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وأن تتولى الدولة المبادرة في ذلك، مستفيدة من التجربة اليابانية في دعم وتنمية المنشآت الصغيرة، والتي تعتبر من أنجح التجارب في هذا المجال. وكما هو معلوم فإن اليابان قد بنت نهضتها الصناعية معتمدة بالدرجة الأولى على المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وكان لاعتماد اليابان على المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تمثل أكثر من 90% من عدد المشروعات، والتي تشغل حوالي 70% من اليد العاملة، كقاعدة عريضة للتنمية الاقتصادية، أن انخفضت نسبة البطالة، وزاد الإنتاج وتحققت مشاركة ومساهمة الأفراد والأقاليم المختلفة في الناتج المحلي الإجمالي، وبمعدلات عالية، وتراكم لرأس المال، يتناسب مع التنمية التي تشهدها اليابان. ومن هذا المنطلق يجب العمل على إنشاء هيئة حكومية مستقلة ومتخصصة في دعم وتنمية المنشآت والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وأن تضم تحت مظلتها إدارة متخصصة في دراسات جدوى المشاريع، وتقديم المشورة لإصحابها، ومساعدتهم في الوصول إلى تصور واضح وخطة عملية مبنية على دراسات استراتيجة طويلة المدى لاحتياج السوق المحلي، أو للتصدير الخارجي، لبناء قدراتها على منافسة المنتجات الأخرى. ويجب مراعاة احتياجات الهيئة لإدارة متخصصة في المحاسبة والمراجعة المالية لموارد ومصروفات تلك المنشآت، وتصويب أي انحراف سلبي قد يؤثر على مسيرة المنشأة وحمايتها من الإفلاس، وتضم أيضا إدارة متخصصة في التسويق، لمساعدة أصحاب تلك المنشآت على تسويق منتجاتهم، وإقامة المعارض الدورية لتعريف المستهلك بمنتجاتهم، والأهم هو تقديم الدعم المادي الذي يساهم بشكل فاعل في تمويل نشاطاتهم وتوسعاتهم المستقبلية بدون أي مقابل، على أقل تقدير في السنوات الأولى للتأسيس. ولو أن الدولة ساهمت في تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة وخصصت في ميزانياتها السنوية 10 مليارات ريال في كل عام، سوف تساهم خلال 10 سنوات في بناء 50 ألف منشأة صغيرة ومتوسطة، وستوفر على أقل تقدير 750 ألف فرصة عمل، وستضخ حوالي 25 مليار ريال للناتج المحلي.