نشرت لنا الصحف المحلية ومنها صحيفتا (عكاظ) بتاريخ 27/ 6/ 1433ه و(الوطن) بتاريخ 26/6/1433ه عنوانا بارزا جاء على النحو الآتي: (توجيهات باستخدام اللغة العربية والتأريخ الهجري في التعاملات الرسمية) وجاء في نص الخبر: «منعت وزارة الداخلية جميع الجهات الحكومية والخاصة من استخدام التأريخ الميلادي في التعاملات الرسمية أو استخدام اللغة الإنجليزية في الرد على المكالمات والتخاطب خاصة في الفنادق والشركات» وظل الخبر منسجما مع التعميم المملوء بعبارات الحزم والجزم والاهتمام ليقول: «وألزمت الوزارة تلك الجهات والقطاعات باستخدام التأريخ الهجري واللغة العربية مشددة على أن هذا الإجراء من شأنه حفظ هويتي التأريخ الهجري الإسلامي واللغة العربية» وذكر الخبر «أن الوزارة أشارت في توجيهها إلى أن كثيرا من أقسام الاستقبال في الفنادق والشركات يتم التخاطب فيها والرد على الاتصالات باللغة الإنجليزية... وهذا مخالف للتعليمات وفيه إضرار بالهوية» أرجعت بصري في الخبر كرة وكرتين فانقلب إلي حسيرا كسيرا؛ لأن طموحي من قراءة العنوان يتجاوز مفردات: (منعت) و(ألزمت) ثم (شددت) وصولا بالخبر تنازليا إلى مفردة (أشارت) أو (لوحظ) أو جملة (مع التأكيد على ضرورة استخدام اللغة). إن هذا الخبر الذي مر على وسائل إعلامنا مرورا عابرا (بل ذكرته بعضها على استحياء) يستدعي التوقف عنده والتأمل فيه؛ لطرح جملة من الاستفهامات حول حيثيات الوزارة في إصداره وتوجيهه، وهل الحفاظ على هوية اللغة العربية هو الذي دفع الوزارة الموقرة فعلا لذلك؟ ثم لماذا الآن؟ هل بدأت الوزارة تستشعر الخطر؟ وإذا كان الأمر كذلك فهل تعلم الوزارة أن أكثر الوظائف الحكومية والأهلية يتصدر شروطها إتقان اللغة الإنجليزية (وليس العربية!) نطقا وتحدثا؟ ثم عن أي لغة عربية يتحدث القرار؟ أعن اللغة التي يتحدثها الناس أم اللغة الفصيحة التي أنشئت لأجلها المراكز وعقدت المؤتمرات؟ وإذا كانت وزارة الداخلية الموقرة تمنع استعمال غير العربية فما عقوبة المخالف؟ ومن يقررها؟ وما مقدارها أو نوعها؟ في كل الأحوال كان الخبر سارا لي (على المستوى الشخصي) لأنه صادر من وزارة الداخلية ذات الحزم والعزم، والقوة والدقة في تنفيذ التوجيهات ومحاسبة من يخالفها أو يقصر في تنفيذ توجيهاتها، غير أنه كان صادما في الوقت ذاته؛ لأن الوزارة الموقرة لم تذكر لنا آليات تنفيذه، ولا الجهة المسؤولة عن متابعة ذلك، وهل ستكون متخصصة في اللغة العربية (كالأندية الأدبية) أو أن الوزارة ذاتها ستنشئ إدارة خاصة لذلك يكون اسمها (إدارة الحفاظ على الهوية العربية)؟ لا أخفي سرا أنني قمت بتجربة بعد صدور هذا القرار بأسبوعين بالاتصال على أحد الفنادق المشهورة أطلب حجزا فكان الرد علي بالإنجليزية، طلبت منه التحدث معي بالعربية (كما تنص تعليمات الداخلية) فقال: (I can not speak Arabic)!!! حاولت الاتصال بالوزارة؛ لإبلغها عن المخالفة (من منطلق وطني) فلم يستطع مأمور التحويلات أن يحدد الجهة التي يحيلني إليها... تذكرت حينها تعليمات (منع التدخين) في المطارات والمرافق الحكومية الذي ظل حبرا على ورق حتى طبقت غرامات وعقوبات على المخالف. المشكلة عندنا ليست في القرارات والتوجيهات والتعاميم لكن المشكلة في آليات التنفيذ ووسائل المتابعة. وأخيرا أقول: شكرا للوزارة على هذا التوجه، ويزداد شكري لها لو وضعت ضوابط وقوانين فيها ثواب للمستجيب وعقاب للمخالف كيلا تفقد القرارات قيمتها. وألقاكم رئيس نادي جدة الأدبي [email protected]