قام المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية، بتسليم السلطة التنفيذية للرئيس المصري المنتخب الدكتور محمد مرسي، يوم 30 يونيو، كما سبق أن وعد من قبل، وذلك بصورة هادئة، رغم محاولات بعض الجماعات والشخصيات السياسية المصرية إثارة توتر وصدام في علاقة الطرفين. وجاء خطاب الرئيس المصري في احتفالية تسليم السلطة معبرا عن حالة التوافق والتقدير بين الطرفين، التي يمكن البناء عليها خلال الفترة المقبلة، خاصة الفترة الانتقالية والانتهاء من إعداد الدستور المصري. ورغم ذلك لاتزال هناك قضايا عالقة بين الطرفين أهمها استمرار تولي المجلس الأعلى للسلطة التشريعية بعد حكم المحكمة الدستورية العليا الذي انتهى بحل مجلس الشعب، ورغم التصريحات التي صدرت من الرئيس بضرورة عودة المجالس المنتخبة لمزاولة عملها، إلا أن ما صدر بعد ذلك من تفسير لهذه التصريحات يرجح اتجاه الرئيس لعدم تجاوز حكم المحكمة الدستورية العليا. وبغض النظر عن تصريحات قادة حزب الحرية والعدالة، وجماعة الإخوان المسلمين بهذا الخصوص، وتبعا لذلك فإن كلا من الرئيس والمجلس الأعلى للقوات المسلحة مضطرا للتعايش معا كجناحين للسلطة تلتزم المؤسسة العسكرية بحدود دورها ضمن حدود مؤسسات الدولة مع امتلاكها للسلطة التشريعية، وذلك حتى الاستفتاء على الدستور، وإجراء الانتخابات التشريعية المقبلة، ولعل حضور المشير طنطاوي لاجتماع الرئيس محمد مرسي للوزارة وجلوسه في مقعد وزير الدفاع دليل واضح على انتقال فعلي للسلطة، وانضباط المؤسسة العسكرية بشموخها واحترافها وتقديرها لمقام الرئاسة في الدولة المصرية. هكذا يتضح أن كلا من الرئيس والمؤسسة العسكرية قد توصلا لنوع من التفاهم حول مسار العملية السياسية في مصر خلال الفترة الانتقالية، وفي تقديري أن الأمور إيجابية بدرجة كبيرة، وتحتاج إلى أن تتوقف تصريحات بعض قيادات جماعة الإخوان المسلمين التي تمثل ضغطا على مؤسسة الرئاسة، حتى تستمر هذه الحالة الإيجابية، وتحتاج القوى السياسية المصرية جميعها أن تدرك أن مصر لا تحتمل أي صراع سياسي بين الأطراف التي تمتلك أدوات صنع القرار السياسي، ورغم تباين المواقف بخصوص الإعلان الدستوري المكمل، واللجنة التأسيسية لإعداد الدستور، إلا أن توقف هذا الصراع ومحاولات الإقصاء أو التهميش يمكن أن تساهم في توفير مناخ سياسي يزيد من حجم الثقة بين الأطراف، ويسمح بتمرير الفترة الانتقالية بصورة هادئة،حتى يمكن أن يتفرغ الرئيس وحكومة تسيير الأعمال والحكومة الجديدة لمعالجة أولويات الملف الاقتصادي، وتغطية تطلعات الفئات الشعبية التي ارتفعت بصورة كبيرة خلال العام الأخير، وتنتظر إجراءات سريعة بعيدة عن التجاذبات السياسية الحزبية.