ورحل عن دنيانا دنيا الفناء إلى دار البقاء والخلود الأمير نايف بن عبدالعزيز بعد سنوات قضاها وزيرا للداخلية ثم وليا للعهد، ولم يأت تعيينه في هذه المناصب عفوا بل استنادا إلى قدراته الإدارية والشخصية التي كان – رحمه الله – يتمتع بها فقد كان معروفا بعزمه وحزمه وخبراته الإدارية في كل مجال يعهد إليه به. كان وجهه يشع حزما وعزما وقسمات وجهه لا يفارقها البشر والابتسامة المريحة لكل من يقدم إليه للتحية والسلام والتهنئة. لقد شعر بهذه المزايا كل من قابله إلا أن هذه المزايا كانت موضع تقدير فأسندت إليه وزارة الداخلية كوزير فعال وقدير، وكان له ذلك وأثبت أنه رجل الموقف وسيد المنصب. وكان كل من يلتقي به من الدول الصديقة يرون فيه الرجل المثالي لهذا المنصب الحساس الذي يعج بالحاقدين والحاسدين للأدوار السياسية التي تؤديها المملكة على كافة الأصعدة محليا وإقليميا ودوليا، وكانت المملكة تتقبل تهاني المسؤولين من جميع الدول التي تربطها بالمملكة صلات صداقة أو أي تعاون ودي أو مصلحة مشتركة. وقد حرص منذ توليه وزارة الداخلية أن يكسر شوكة الإرهاب ويحد من نشاطه وغلوائه وكان من ضمن ذلك أن كان يقوم بنفسه بمراقبة نشاطه وفعاليته خاصة مع رؤوسه والمروجين له ومساءلتهم وتبادل الرأي معهم ونصحهم وبذل ما يحتاجونه من معونات فنية أو عينية، وشيد لهذا الهدف مراكز متعددة لامتصاص انحرافهم وتهورهم وكان عنوان هذا النشاط (الأمن والأمان) ومناصحتهم أيضا. أما بالنسبة لعلاقتي بسموه رحمه الله فقد كنت أقدر أهدافه البعيدة النظر وكنت ادعو له بالتوفيق في هذا العمل الوطني الجبار والحساس الذي لا يقوم به إلا القادرون، وبما أني كنت اعمل في السلك الدبلوماسي وعملي يقتضي مني التنقل من بلد لآخر فقد كنت انتظر إجازتي السنوية للقدوم والسلام على سموه وبالفعل قدمت للرياض واستأذنت للسلام على سموه فأذن لي ودخلت عليه وهنأته على المنصب وأفاض سموه في الشكر والتعرف علي والابتسامة لا تفارقه. وخرجت من عنده وأنا أحيي فيه الرجل الشهم والقدير والموفق في المهمة التي أسندت إليه. والآن ادعو الله العلي القدير أن يشمله برحمته ويدخله فسيح جنته إنه سميع مجيب.