لم يكن الأمير نايف رحمه الله رجل أمن فقط إنما كان مفكرا استراتيجيا ومخططا استراتيجيا عني أو تسلم عدة ملفات مختلفة. والفكر الاستراتيجي والتخطيط الاستراتيجي حينما كنت أعمل بمجلس الوزراء منذ 10 سنوات كنا إذا اجتمعنا جاءت توجيهات الأمير نايف يرحمه الله أنه يجب علينا وضع خطة استراتيجية قصيرة الأمد ومتوسطة الأمد وطويلة الأمد فكان دائما يدفعنا للتفكير الاستراتيجي والعمل الاستراتيجي. ففي وزارة الداخلية استطاع أن يحولها إلى وزارة استراتيجية من القائد الإنسان إلى المنظومة المتكاملة فأصبحت تعمل وزارة الداخلية في حضور القائد أو غيابه وكان هو يمثل القائد الاستراتيجي في الوزارة، وكان يحدد المهمة ويقوم بالتخطيط ومتابعة التنفيذ ولم يشغل نفسه بصغائر الأمور. فتجلى تخطيطه الاستراتيجي في مكافحة الإرهاب فهو لم يجعل الدولة طرفا في الصراع مع الإرهابيين إنما جعل العدالة هي الطرف الآخر في الصراع لهذا كان من مهمة وزارة الداخلية أمنيا أن تلقي القبض على الإرهابيين وتسليمهم للعدالة، وفي مكافحته للإرهاب عمل على قناتين القناة الأولى التعامل الأمني وكذلك ملاحقتهم وإحباط مخططاتهم وضربهم في جحورهم وهذا ما يسمى بالقوة الصلبة. كما كان يطلق على الإرهابيين وخاصة السعوديين بالفئة الضالة لأنهم في الأصل لم يكونوا إرهابيين بل ضللوا بغيرهم من الذين أغووهم وأخرجوهم من ولائهم لدينهم وأمتهم وهذا ما يجعله يعمل في هذا الجانب على مرحلتين المرحلة الأولى هي الأمن الفكري لتجنيب أبناء المملكة الانحراف إلى الطريق الخاطئ وإلى الضلال، والأمر الثاني هو التعامل مع الذين ضللهم الأخرون عن طريق المناصحة وليس النصيحة لأن النصيحة تأتي قبل الوقوع في الجريمة السياسية، أما المناصحة فتأتي من بعد ذلك لأنها تبادل النصح بين المرشد والمهتم فيصل الاثنان إلى كلمة سواء عندها يصبح الضال قد عرف الحقيقة فعاد إلى رشده وبهذا استطاعت المملكة أن تحول أكثر من 90 % من الذين ضللوا إلى الطريق الصحيح وقام هؤلاء بالتالي في إفهام إخوانهم الذين ضللوا وإعادتهم إلى طريق الخير. كما أنهم كشفوا مخططات الآخرين وهذا ما يسمى بالقوة الناعمة ولهذا نجحت المملكة نجاحا باهرا على مستوى مكافحة الإرهاب وأصبحت مرجعا حتى للدول الكبرى، وقد أشاد بذلك الرؤساء في أمريكا وأوروبا وعلى رأسهم الرئيس أوباما لأن هذه الاستراتيجية مكنت المملكة من كشف مخططات الإرهابيين حتى قبل أن يقوموا بفعلتهم ولهذا استطاعت المملكة أن تنبه الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى عدد من الأعمال الإرهابية التي كان يمكن أن تحدث كوارث إنسانية في هذه الدول، ولهذا نجد أن الرئيس أوباما شخصيا نعى الأمير نايف ووصف وفاته بالخسارة الأمنية الكبيرة. كما أن الأمير نايف في مجمل فكره الاستراتيجي يحرص دائما على تحقيق العدالة لأن العدالة والوطنية إذا توفرت في أمة واحدة فإن هذه الأمة لن تغلب وأسوق على ذلك مثلا فالأمير نايف رحمه الله حرم على رجال الأمن أن يلقوا القبض على أي إنسان سعودي أو مقيم إلا بحكم قضائي أو بأمر من أعلى سلطة في الداخلية. كما أنه منع انتهاك الحرية الشخصية فلم يسمح باقتحام بيت من البيوت مهما حدث في الداخل إلا بقرار شرعي من المحكمة أو بأمر من أعلى هرم في السلطة الأمنية.