هل عدم عقلانية الحرية الفردية يعني جنونها؟! وإن كانت حريتي أنا كفرد عقل أو جنون فهي ملكي لي لوحدي لعالمي لخيالاتي لأفكاري، نعم ولكني تذكرت أنني ملك غيري وإن العالم حولي يقف لي بالمرصاد، يراقبني ينتقدني، يذمني، يجاملني وقد يكرهني، هو مرآتي رغم ما بها من شروخ لذلك يجب أن أضبط إيقاع حريتي الفردية وفقا لمعايير مجتمعه لا تخلو من القوة عند أهل الشرق ومن حولهم، لذلك كان لزاما على حريتي الفردية أن تكون عقلانية ولو بنسبة 50% من درجات العقل وإلا صنفت في مجتمعي بالمجنون أو على الأقل (بالأهبل)، والهبل أو الخبل إحدى درجات الجنون عافانا الله وإياكم. اختلاف مقاييس العقل والجنون تغيرت في هذا الزمن وما كان ضربا من الجنون سابقا أصبح ابتكارا وتنوعا وفنا، وقس على ذلك. ما أود الخلوص إليه هنا هو أن مقاييس العقلانية وعكسها غير دقيقه أبدا، فما هي التقسيمات والحدود والفواصل التي تحدد من أنا؟! وأنا مين؟! أهو الدين أم العرف والتقاليد أم النظام، كلها أو بعضها، ولكن ما يؤرقنا هو اختلاط الأمور فالكل يحدد ماهيتك (جوازا أو وجوبا).. هذا هو الحال الآن، فالجميع يصنف ويقيم، فقد تكون حريتي عند زيد عقلانية وعند أخيه عمر جنونية.. جميلة هي الحرية الفردية أو الجماعية طالما سارت في منظومة الدين والعرف والنظام لتكون بالفعل عقلانية محبوبة ذات ديمومة فلا بأس أن تتمدد هنا وهناك وضمن الحدود، أما الحرية غير العقلانية فهي الهلاك بعينه.