الوضع السوري مؤلم جدا، وما يحصل من قتل ومجازر فوق ما يتحمله الحس الإنساني والضمير العالمي أن يراه ويصمت كل هذا الصمت العاجز عن حله، بل تعدت الأزمة السورية حدودها في بشاعة ووحشية القمع بعد مجزرة الحولة المؤلمة في كل المقاييس الإنسانية والدولية. أعتقد أن الأسطر السابقة من قبيل توضيح ما هو موضح، ولا يحتاج إلى مزيد شرح أو مزايدات على الإنسانية، لكن هذا لا يعني أن التبرعات المالية سوف تحل المشكلة، وأن تصل بالأزمة إلى بر الأمان، إنما هي مشاركة إنسانية لتخفيف المعاناة لا أكثر. هذا إن سلمنا بأنها سوف تصل بشكل سليم، ولن تذهب باتجاهات أخرى يخشاها الكثيرون. المشاركة الإنسانية طبيعية، وهي تعبير عن التلاحم الإنساني والديني والوطني بين أبناء العرب على اختلاف مستوياتهم وأطيافهم، لكن حسن النية لوحدها غير كافية، ولا هي كفيلة في حل الأزمات؛ لأن الأزمة تتعدى كونها أزمة عابرة، كما حصل في بعض الدول. إلى أزمة مركبة يتداخل فيها الصراع السياسي والديني بين أكثر من دولة. جمع التبرعات يتجاوز المعطيات السياسية المتدخلة إلى تعبير عاطفي لا أكثر في فهم الأزمات السياسية، وهو تعبير حقيقي عند غالبية الناس وليس في ذلك من ضير، ولذلك هم يتبرعون، لكنهم لا يحاولون قراءة المسألة من كل جوانبها السياسية والاجتماعية والدولية. الأزمة السورية سياسية، أي أنها ليست طائفية، والثورة السورية ليست ثورة طائفة ضد قمع طائفة، بل هي ثورة الحرية والكرامة ضد الاستبداد، ولذلك فحلها هو حل دولي وتدخلات خارجية، وربما تصل أحيانا إلى إعادة لحرب باردة أخرى بين أكثر من دولة، ولذلك علينا أن نفهم السياقات السياسية، وهي سياقات لا تدار بالعاطفة، بل بتوازن القوى والصراع على الهيمنة السياسية في المنطقة.