لا يختلف معظم النقاد على أنه وبانتهاء مواجهات الجولة الأخيرة في منافسات بطولة أبطال دوري آسيا لكرة القدم ظهرت ملامح عديدة جيدة عموما، وهي الملامح التي تظهر الفرق العملاقة التي استطاعت أن تصل إلى مرحلة حاسمة من الانتهاء من عملية التأهل إلى دوري ال(16) ضمن هذه البطولة الأكبر والاهم آسيويا، التي اشتد عودها كثيرا في السنوات القليلة الماضية نتيجة لعوامل متعددة أهمها تطور مستويات الكرة الآسيوية واستقطاب نجوم ومدربين عالميين وتحسن المعطيات المادية والإدارية في هذه الفرق بصفة عامة. الفرق السعودية المشاركة في التصفيات الآسيوية الأولية لنهائيات بطولة أبطال دوري آسيا وهي الأهلي والاتحاد والهلال أبلت بوجه عام بلاء حسنا في دوري المجموعات وتأهلت جميعها لدور ال(16)، رغم تعثرات خطيرة في البداية لكل من الأهلي والهلال اللذين خسرا نقاطا غالية، ولكنهما عادا جامحين وبقوة في الجولات الأخيرة، ليحل الأهلي في المركز الثاني في مجموعته ب(10) نقاط بعد سبهان (13) نقطة، وقد خسر أمام سبهان في أصفهان نتيجة مشاركته بفريق معظمه من الصف الثاني إذا صح التعبير. ومع ذلك تظل حظوظ فريق الأهلي قائمة بقوة متى ما تمكن من خطف بطاقة لقائه مع الجزيرة في الإمارات، وهي مهمة ليست مستحيلة تماما خاصة بعد الإنجاز الأهلاوي الكبير وتتويجه بطولة الأبطال وكأس خادم الحرمين الشريفين من أمام النصر بنتيجة تاريخية (41). غير أن تؤهل الأهلي لدوري الثمانية في البطولة الآسيوية يحتاج إلى جهد وتصميم كبيرين، وكان الاتحاد السعودي قد استطاع إحراز المركز الأول في مجموعته بجدارة واستحقاق وهو الذي تمرس في مواجهات البطولة الآسيوية الكبرى لسنوات، وكذا فعل الزعيم الهلالي الذي تعثر شيئا ما في البداية ثم انطق يحصد النقاط حتى تصدر مجموعته. لا استرخاء التمعن المنطقي الفني في حظوظ فرقنا السعودية المشاركة آسيويا هذا الموسم يلحظ لأول وهلة أن الطريق تبدو سالكة أمام هذه الفرق للوصول إلى دوري ال(16) بكل أريحية.. غير أن الاسترخاء أو التراخي والاعتماد على نتائج الفرق الأخرى السابقة ومستوياتها أو التقليل من شأن وإمكانيات بعض الفرق التي ستقابلها في دور ال(16)، أو الركون إلى بعض الطروحات الإعلامية الاستباقية التي تحاول المساندة في حين أن بعض هذه الاستباقيات و«المعلقات» «المدائحية» هي السبيل المؤدي كما أثبتت الأحداث نحو بث وشيوع «ثقافة» التعالي.. والاعتداد المفرط بالنفس والتقليل من شأن الآخرين. وعدم تقديرهم حق قدرهم ومكانته. الاتحاد والهلال يملكان الفرصة للتأهل لدوري ال(8) كونهما يلعبان على أرضهما وبين جماهيرهما الغفيرة في جدةوالرياض، فيما ينبغي عليهما بذل جهود حقيقة مضاعفة، بهدف الوصول إلى هذا الدور الذي لا يمكن التعويض فيه، ففي الرياض العاصمة يحتضن استاد الأمير فيصل بن فهد اللقاء الخليجي الآسيوي الذي يجمع بين فريق الهلال السعودي متصدر فرق المجموعة الرابعة بضيفه فريق بني ياس الإماراتي وصيف فرق المجموعة الثانية. ويدخل الفريق الهلالي ملعب المباراة وهو في قمة المعنويات والاستعدادات بتصدره لفرق هذه المجموعة، والتي وصل إليها بجهود كبيرة بعد أن تخلف في البداية بتعادلات ثلاثة في بداية مشواره في الدور التمهيدي، ماخلق مساحات قلق غضب جماهيري هلالي مست التوقعات بأن يغادر الزعيم مبكرا من هذه المنافسة القارية.. ولكن بني هلال عاودوا ركضهم ونتائجهم الإيجابية اعتبارا من الجولة الرابعة، ومرورا بالجولة الخامسة والسادسة ليؤكد الهلال بأنه فارس خليجي آسيوي أصيل من فرسان هذه المسابقة القارية الكبرى. ويتسلح الفريق الهلالي بعاملي الأرض والجماهير وهي الحيثية التي ستعطي لاعبيه ومسيريه دفعة معنوية كبيرة لتجاوز عقبة فريق بني ياس المفعم بالآمال، ومن المتوقع أن يمثل الفريق السعودي الأزرق في هذا اللقاء الحارس حسن العتيبي وبجانبه أسامة هوساوي وماجد المرشدي وسلطان البيشي وعبدالله الزوري وسلمان الفرج ومحمد الشلهوب وسالم الدوسري ونواف العابد وويلي هامسون والكوري بيون يو. وفي الجانب الآخر فإن فريق بني ياس الذي حل وصيفا لبطل المجموعة الثانية وهو المؤسس عام 1981م، ولم يصعد لدوري المحترفين الإماراتي سوى عام 2009م، ويدربه الأرجنتيني جابريل كالديرون (المدرب الأسبق) للهلال، يسعى بدوره لصنع المفاجأة المدوية اليوم، إذ ان هذا الفريق القوي يملك بين صفوفه لاعبين ذوي كفاءة عالية، أهمهم العماني فوزي بشير واندريه ساتفهور وخافير يستي ونواف مبارك ويوسف جابر ومحمد فوزي. نمر متمرس وفي عروس البحر الأحمر جدة لن يكون أمام فريق الاتحاد في مواجهته لفريق بيروزي الإيراني سوى الفوز ومحاولة إزاحة هذا الفريق الشرس من طريقه، والتأهل إلى دور الثمانية في الطريق إلى الأدوار المتقدمة من البطولة الآسيوية الكبرى العميد (نمر آسيا) هو الأكثر تمرسا في دروب القارة الصفراء، متسلحا بالأرض والجمهور، وبدعم فني كبير من قبل قائده محمد نور وبجانبه سعود كريري وأبو سبعان وحسني عبده ربه ونايف هزازي واندوما ورضا تكر والمنتشري وأسامة المولد ومشعل السعيد والمغربي فوزي وفي حراسة المرمى الحارس الأمين مبروك زايد. وفي جانب بيروزي الإيراني ثلة متميزة من اللاعبين المحلين والأجانب يشكلون قوة دفع وفاعلية كبرى بين صفوفه يبرز من بينهم القائد على كريمي، وهو لاعب مؤثر بدرجة كبيرة، إضافة إلى الهداف أيمن زائد وعلي رضائي وجواد كاظيمان ومهيردادا وبادماكي. وبالتأكيد فإن مدرب الاتحاد راؤول قرأ الفريق الإيراني كما ينبغي، غير أن الفريق الإيراني ورغم قوته البدنية الكبيرة إلا أنه يعاب عليه بطء تحركات وسطه وحركة الفريق عموما، وانفتاح دفاعه أمام الضغط المركز، ولن يكون صعبا على الاتحاد أن يتجاوزه الليلة، متى ركز لاعبوه واستثمروا عاملي الأرض والجمهور. كلنا أمل ورغبة في أن يكون النهائي خاصا جدا، بين فريقين سعوديين، وهو أمر ليس بمستغرب على كرة القدم السعودية ومكانتها، وغير بعيد المنال متى ما قدمت الفرق السعودية المشاركة «الأثمان» المنطقية المطلوبة: جهدا.. وتصميما.. أداء وتماسكا.. وانضباطية.. وتقديرا حقيقيا لإمكانات الآخرين.. وقدراتهم.