طالب رئيس مجلس التضامن الوطني حسين بن عبدالله الأحمر القوى القبلية بالانخراط في العمل الوطني والسياسي اذا كانت جادة في بناء دولة مدنية حديثة. وكشف الأحمر في حوار مع «عكاظ» عن ملامح الحزب السياسي الجديد الذي يعتزم المجلس إنشاءه متوقعا ان الحزب الجديد سيصعد لمرتبة الحزب الثالث في اليمن الجديد . واعتبر أن التنمية هي السلاح الأساس لدحر تنظيم القاعدة . وقال إن المناطق النائية التي تفتقر للخدمات هي الحاضنة لهذا التنظيم الارهابي ولذلك ندعو أصدقاء اليمن والدول المانحة الى طرح مشاريع تنموية في تلك المناطق. وثمن الدعم السعودي لبلاده قائلا إن المملكة هي الدولة الرئيسية الداعمة لليمن ولا يمكن للشعب اليمني أن يستغني عنها. وفيما يلي نص الحوار • الى أي مدى تتجاوبون مع الحوار الوطني الذي يعتزم الرئيس عبد ربه منصور هادي اطلاقه قريبا؟ • في الحقيقة ان الحوار الوطني مهم لجميع القوى والأحزاب للجلوس على طاولة اليمن الواحد ووضع حلول عملية لكافة قضايا ومخلفات الماضي. فنحن نريد حوارا وطنيا جادا. ونقترح على رئيس الجمهورية تشكيل لجنتين وطنيتين أحداهما عسكرية برئاسته لإعداد مشروع الهيكلة باعتبار ان هيكلة الجيش تحتاج لوقت لبناء جيش احترافي.. والثانية للحوار الوطني على أن تعمل اللجنتان في خطين متوازيين. ولأن التركة ثقيلة فإن الحوار يحتاج ايضا إلى فترة طويلة لانجاحه، وتشكيل لجنة للتواصل مع معارضة الخارج ومختلف القطاعات والفئات. وارى ان يعقد الحوار برعاية خليجية ودولية وتتمخض عنه قرارات نافذة. القبيلة والسياسة • باعتباركم تمثلون قبيلة حاشد التي تعد من كبرى قبائل اليمن، هل تؤيدون تحول القبيلة الى العمل السياسي مستقبلا؟ • ننصح القوى القبلية بالانخراط في العمل الوطني والسياسي ، اذا كانت جادة في بناء دولة مدنية ودولة مؤسسات. ونرى أن على مشايخ القبائل المشاركة في الأعمال الخيرية الاجتماعية والا يتدخلوا في القضاء. وفي اليمن الجديد علينا الابتعاد عن التعصب. استراتيجية للقاعدة • استغل تنظيم القاعدة الأزمة التي شهدتها اليمن العام الماضي ليتمدد في بعض المحافظات، فما هي أفضل الطرق التي ترونها للتصدي لهذا التنظيم الارهابي ؟ • نرى أنه ينبغي على أبناء المناطق التي يتواجد فيها عناصر تنظيم القاعدة، أن يكونوا رأس الحربة لاجتثات التنظيم الارهابي من مناطقهم. وفي الوقت نفسه يجب على الدولة أن تعد استراتيجية مدروسة قصيرة وطويلة الأمد، ليست مثل تلك التي تبنتها في صعدة، لأنه حينما تشعر القاعدة أن بينها وبين القبائل ثأر فإنها لن تستطيع التحرك وتصبح محاصرة في الأماكن التي تتواجد فيها، علما بأن المناطق النائية التي تفتقر للخدمات تعتبر حاضنة لهذا التنظيم الارهابي. ولذلك ندعو اصدقاء اليمن والدول المانحة الى طرح مشاريع تنموية لدعم تلك المناطق انطلاقا من حقيقة أن التنمية هي السلاح الأساس لدحر القاعدة. لا حوار مع السلاح • الى أي مدى تؤيدون الدعوات التي يطلقها البعض للحوار مع القاعدة؟ • نحن نؤيد الحوار مع الجميع ، لكن بدون سلاح . فكيف يمكن التحاور مع القاعدة وهي تحمل السلاح. واستمرار القتل باسم الاسلام لا يقبله أحد. واذا كان الأمر يتعلق بتطبيق الشريعة ،جميعنا مسلمين فلندعو لعقد مؤتمر لعلماء المسلمين ليحكموا من هو المخطئ ومن هو الذي على حق. • كيف ترون دور المملكة في دعم استقرار اليمن؟ • في الحقيقة المملكة من الدول التي كانت ولاتزال تدعم اليمن منذ عقود ماضية. ولا أبالغ اذا قلت إنها الدولة الرئيسية الداعمة لاستقرار اليمن قولا وفعلا. والشعب اليمني لا يمكن أن يستغني عن المملكة التي تمثل له السند والمرجع الذي يعود اليه. وهو يرى في خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الأب الحاني الصادق والزعيم المحنك وحكيم الامة. • ماذا تنتظرن من مؤتمر المانحين المقرر انعقاده في الرياض نهاية الشهر الحالي؟ • نتطلع لدعم المانحين. فنحن لدينا حكومة ودولة جديدة. ونأمل من الاشقاء في الخليج أن ينظروا إلى الوضع المتردي الذي يعيشه اليمن. لأنه اذا وجدت التنمية ستنتهي كل المشاكل التي يعاني منها المواطن، خاصة تهديدات تنظيم القاعدة. ونرى أن التدخل الامريكي عبر الضربات الجوية يزيد من رقعة وقوة هذا التنظيم الارهابي الذي أرى أن القضاء عليه لابد أن يكون عبر دعم التنمية في المناطق التي يستهدفها. والدليل على ذلك ما حققه الجيش اليمني من نجاحات في تطهير لودر. وهو الآن على وشك تصفية جيوب القاعدة في زنجبار. ونحن نصحنا الرئيس السابق إبان بدء حرب صعدة بتنمية صعدة ودعم أهلها فهم قادرون على الدفاع عن منطقتهم. والمجتمع اليمني عموما قبلي ومسلح ومتدرب على استخدام كل أنوع الأسلحة. • في ظل الواقع الماثل حاليا كيف ترون مستقبل اليمن ؟ • مستقبل اليمن سيكون واعدا. ونحن متفائلون بأن تطلعات الشعب اليمني ستتحقق . وعلى يقين بأن تنظيم القاعدة سينهار والحوثيون سينتهون كحركة سياسية ودعوات الانفصال ستضعف والدولة ستبسط نفوذها في كل أرجاء اليمن. تدوير وليس هيكلة • الى أي مدى ترون أن إعادة هيكلة الجيش التي بدأها الرئيس عبد ربه منصور هادي ستحقق أهدافها؟ • نحن نرى أن هيكلة الجيش موضوع مستقل. وما قام به الرئيس هو تدوير وظيفي بنقل قيادات عسكرية من مواقعهم الى مواقع أخرى، بينما الهيكلة تتمثل في اعادة تسليح وتأهيل الجيش وزياردة الرواتب وإخراج الوحدات العسكرية من العواصم والمدن الرئيسية، والدمج بين القوات العسكرية. فنحن نريد جيشا واحدا ليس أسريا ولا عنصريا بل جيش مؤسسي حرفي مهني مهامه حماية الوطن والمواطنين وممتلكاتهم. وبسط نفوذ الدولة. ونريد أن تعود للجيش هيبته. • قررتم تحويل مجلس التضامن الى حزب سياسي، فما هي أهداف التكتل الذي تسعون لإنشائه؟ • تتمثل أهداف التكتل في الحفاظ على أهداف الثورة. وهو يتكون من ألف من شباب الثورة و300 من مشايخ القبائل وما بين مائة ومائتين عالم من المذهب السلفي والمذاهب الأخرى و50 برلمانيا و20 من أعضاء مجلس الشورى ومائة رجل أعمال ومائتين أكاديمي و500 امرأة. ويضم في عضويته 300 الف من مختلف شرائح المجمتع اليمني. ونحن نعمل حاليا على تنظيم ورش عمل لمناقشة 12 محورا والخروج بورقة عمل واحدة بهدف توحيد الرؤى. وقد أدى مجلس التضامن الوطني دوره على أكمل وجه في المشاركة الفاعلة في القضايا الوطنية. ورأى بعض أعضاء المجلس أن دور المستقلين فيه غائب ويريدون تفعيل هذا الدور. وطالبوا بإنشاء تنظيم سياسي. ونتوقع بعد تحوله الى حزب سياسي قريبا أن يكون الحزب الثالث في البلاد بعد حزبي الاصلاح والمؤتمر الشعبي العام من ناحية التمثيل في البرلمان. شريك فاعل • ما الجديد الذي سيضيفه هذا الحزب.. ومتى ستعلنون عن اسمه؟ • نتوقع أن يكون حزبنا الجديد شريكا فاعلا في الساحة السياسية. وليس لدينا مانع من التحالف مع أي قوى سياسية أخرى على أساس الاتفاق على محاور الدولة المدنية الحديثة. وسيكون حزبا يعتمد الحوار والمنهج الوسط وليس فئويا ولا طائفيا ولا عنصريا ولا متشددا. ويضم مختلف شرائح المجتمع بكافة أطيافه ومذاهبه ومشاربه. ولدينا ثلاث لجان الأولى لجنة مصغرة من اللجنة العليا لمجلس التضامن. والثانية مشكلة من أعضاء الكتلة البرلمانية للمجلس. والثالثة مشكلة من شباب الساحات. وتعمل هذه اللجان على إعداد الرؤى والنظام الداخلي ومشروع وبرنامج الكيان. وعندما تنتهي من أعمالها سنجتمع ونناقش كل ما قدمته من برامج وإعداد مشروع برنامج واحد ونظام سياسي واحد. ومن خلاله سنعمل على توسيع اللجنة التحضيرية من 20 إلى 50 شخصية من كل محافظة ومن ثم يتم إعلان إسم الحزب الجديد. ومن الممكن أن يظل باسم التضامن الوطني، أو تغييره الى اسم جديد بحسب ما يتم الاتفاق عليه في اللجنة التحضيرية. • هل ستشاركون في الحوار الوطني باسم مجلس التضامن الوطني أم باسم الحزب الذي تعتزمون تأسيسه ؟ • سنشارك في الحوار الوطني باسم الحزب إذا أسسناه حينها. واذا لم يتم تأسيسه سنشارك باسم مجلس التضامن الوطني. ويهمنا أن نكون شركاء في الحوار كونه مدخلا أساسيا للخروج من الفتنة. ولا بد أن نضع في المقدمة الشباب الذين خرجوا أمام الدبابات والمدافع موجهة الى صدورهم وصمدوا سنة وشهرين في الساحات. ويجب أن يكونوا شريكا حقيقيا في بناء الدولة. ويكون لهم دورا رئيسيا في الحوار الوطني. «الشعبي» بحاجة الى هيكلة • كنت قياديا في حزب المؤتمر الشعبي العام، فما مستقبله في ظل خروج تكتلات منه وانضامه بعضها لمجلس التضامن؟ • في حزب المؤتمر الشعبي العام في حاجة الى اعادة هيكلة تعتمد على الكيف وليس الكم وتكون مخرجاتها فعالة ووطنية. واذا لم يتم ذلك أعتقد أن سيواجه مزيدا من الانشقاقات والتكتلات والاستقالات. ونصيحتي لقياداته وأعضائه أن يعيدوا هيكلته على أسس وطنية بحتة. ومستقبله سيكون غير جيد مالم تكون هناك هيكلة جديدة له وبناء وفكر جديد. • كيف تنظرون إلى اليمن في ظل حكومة الوفاق الوطني وانتخاب الرئيس هادي ؟ • المسؤولية جسيمة. وعلينا أن نعمل بكل صدق لإنجاح مهام الرئيس هادي وحكومة الوفاق لتجاوز المرحلة الراهنة والمضي باليمن إلى بداية تحقيق أهداف الثورة والدولة المدنية الحديثة .وحكومة الوفاق تحظى بثقة الشعب. والرئيس هادي لا يحمل أحقادا أو تعصبات. وتاريخه النضالي نظيف. وهو قيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام لكن الوطن عنده فوق كل شيء. وهناك إجماع داخلي وخارجي عليه. ليس لديه طموح أو توريث سلطة. تناسينا الخلافات • هل بدأتم صفحة جديدة وتناسيتم تداعيات الماضي لبناء اليمن الجديد ؟ • في اليمن الجديد لا مكان للاحقاد والانتقامات ونحن ابناء الشيخ عبد الله الاحمر (رحمه الله) يد واحدة. وانضمامنا إلى الثورة جاء لقناعتنا بأنها المخرج الوحيد للشعب اليمني. ونحن كنا وما زلنا في خير قبل الثورة أو بعدها ، وكنا نتابع ما يجري في اليمن في الماضي ونرى مستقبلا مجهولا للوطن ووحدته وشبابه، فخرجنا ونحن على يقين بأن ثورة الشباب هي الشمعة المضيئة ولن يكون هناك مستقبل مشرف لأبناء اليمن إلا بوجود دولة مدنية وحكم برلماني ودولة مؤسساتها مستقلة وفعالة. وعلى كل الحزبيين الذين اصبحوا جزءا من الحكومة أو في الدولة أن يعوا أنهم ممثلون للشعب ابتداء من رئيس الجمهورية إلى أصغر موظف وليس هناك موظف تابع لحزب أو قبيلة أو كيان فعلينا أن نتناسى خلافاتنا في الماضي. وندعو قيادات وأعضاء المؤتمر الشعبي العام أن يتناسوا الماضي فالمؤتمر الشعبي مؤسسة في وجهة نظري الحفاظ عليها جيد، لكن لا بد من إعادة هيكلته لأن فيه وجوه طيبة لا نسمع أصواتهم الآن . فنحن مع فتح صفحة جديدة على أن تتعاون كل القوى السياسية في بناء اليمن المؤسسي يمن الدولة دون إقصاء أي طرف سياسي على الإطلاق. • هل ترون أن الإخوان المسلمين الذين يتولون الحكم في بعض دول الربيع العربي قادرون على إدارة دولهم؟ • أي حزب يحاول الاستفراد بالسلطة سينتهي حتى اذا جاء عبر صناديق الاقتراع باغلبية، لأن الصناديق قد تمنحه نسبة 90 % من الأصوات لكن بعد أربع سنوات قد يحصل على 20 % فقط. وبالتالي أرى أن الحكومة الائتلافية هي الافضل وهي التي تستطيع ان تستمر لفترة اطول. ديناميكية القبيلة في مرحلة ما بعد الثورة فهيم الحامد رغم أن القبيلة في اليمن، كانت قبل الثورة «تابو» لا يمكن المساس بقواعده ومفاهيمه لتأثيرها وقوتها في صناعة القرار السياسي ، إلا أن الثورة اليمنية استطاعت على الأقل الاقتراب من هذا التابو، ونجحت في إحداث تغييرات كبيرة في طبيعة القبيلة وتوجهها الذي ظل طيلة العقود الماضية منحصرة في سلطة الشيخ التي تعتبر فوق كل السلطات. وشجعت الثورة هذا الاقتراب من هالة النظام القبلي الذي كان متحالفا النظام يوما ما مع الدولة. إلا أن بروز ثورة الربيع العربي (ثورة البوعزيزي) في تونس واجتياحها لعدد من البلدان العربية من بينها اليمن، جعل القبيلة تعيد تفكيرها بطموحاتها التي كانت قد بدأتها عقب اندماج شطري اليمن في تسعينات القرن الماضي وتأطرها مع العلماء والشخصيات الاجتماعية في حزب واحد أطلق عليه حزب التجمع اليمني للإصلاح. كانت القبيلة في اليمن تمثل المرجع الوحيد لكل اليمنيين وصاحبة الحكم الفصل في عدد من القضايا التي يعجز قضاء الدولة عن حلها، خصوصا وأن تفشي ثقافة المحسوبية ، أفقد الثقة بنظام الدولة، ما أفسح المجال للقبيلة في تطبيق الأحكام وحل قضايا المواطنين طيلة الفترة الماضية وأن تكون صاحبة الحل والعقد والحكمة في القضايا التي تبرز أحيانا بين الأقطاب السياسية. لكن مع هبوب رياح الربيع العربي استطاعت أن تهز هذا المفهوم في العلاقة بين الدولة والقبيلة والمجتمع وجعلت من القبيلة طرف صراع لا وسيط صلح كما كان مألوفا. وأدت التغييرات التي حدثت في ثقافة المجتمع اليمني الذي يعد جزءا من القبيلة وخروجه عن عباءته المألوفة من خلال رفضه لنظام حكم الفرد والتوارث في الحكم إلى احداث هزة كبيرة في أفكار زعماء القبائل اليمنية جعلتها تفكر بشكل جدي بطبيعة نظامها وتوريثها للزعامة القبلية (الشيخ) في اطار الأسرة الواحدة وحجب تلك الحقوق عن بقية أفراد المجتمع مع أنها كانت ترى في دعوات المساواة في الحقوق والحريات جزء من الخيال والمستحيل حدوثها خلال العقود الماضية. وولدت التغييرات التي حدثت على طبيعة وثقافة المجتمع اليمني أفكار جديدة لدى الزعامات القبلية، من خلال الاندماج مع الشباب في الساحات الثورية من ضمنها ضرورة مجاراة الواقع ومتغيراته والتأطر في ائتلاف أو حزب سياسي يكون له مشاركة في صناعة نظام الحكم في الدولة. واعتبرت القبيلة أن تأخرها في عدم مواكبتها للمتغيرات في البلاد في ظل الدولة الجديدة التي تسعى إلى فرض سلطة القانون والدستور سيتولد لديها خياريا لا رجعة عنهما: إما فقدان هيبتها ومكانتها في المجتمع وإعلان وفاة القبيلة، أو الدخول مع الدولة في صراعات ستكون بالنهاية نتائجها وخيمة على نظام الأسرة القبلية وستنهيها من الوجود خاصة وأن المجتمع اليمني أصبح يعي كيفية عدم الرضوخ لسلطة الدولة ونكران تأثير القبيلة.