نظمت جمعية الثقافة والفنون فرع جدة مؤخرا ورشة تشكيلية بعنوان (تمازج) سعودي صيني، حيث اختلط فنانو جدة التشكيليون بفناني الصين في مقر الجمعية الجديد بالكورنيش يرسمون لوحات على مدار ثمانية أيام. حالات من الفرح والدهشة غمرتنا نحن المشاركين، وحماسة ملأت المكان. الأعين تسابقت لالتقاط الحدث، تعطش معرفي، خروج من نمطية الذات. خلالها، عادت بي الذاكرة لأول مشاركة لي في ورشة تشكيلية، وكانت في ملتقى إعمار الثاني للفنون التشكيلية في دبى عام 2005. في البدء، سيطر الخوف والقلق على تفكيري. وقتها، لم أدرك متعة الرسم في ورش ملونة تتعدى آفاق مرسمي. لذا كنت متخوفة من الرسم بجانب فنانين مشهورين، كنت أقلهم خبرة واسما، فبكيت بحرقة، لرغبتي الدائمة في تفوق يتبعه تميز. أيام صامتة، عشتها في مراقبة فرشاة اللون وهي ترسم بلا وعي. لحظات جنونية، مناقشات، تقنيات جديدة، ثرثرات تشكيلية، ثقافات متنوعة، وأمزجة متعددة منها الطيب، المرح، والمتقلب، مشاهد اختزلتها في حقيبة سفري. عدت بعدها لمدينتي جدة محملة بعبق الحكاوي، مفتونة بغرائب فيها الحنين وفيها الشجن. أقصها في لوحات رمزية تساير البشر. توالت بعد ذلك مشاركاتي في ورش تشكيلية عربية وأوروبية.. منها ورشة الفنانات الخليجيات في مدينة مسقط، العالم في تغيير في ألمانيا، الأقصر مدينة الأسرار والألغاز.. جدارية غزة.. لوحة وقصيدة في عمان، و أخيرا مهرجان الدوحة للفنون البصريةعام 2011. كنا نلتقي كالغرباء فيحولنا اللون لأسرة واحدة نغترف معا الضحكة حين تمتد ليالي اللون لمسامرات نتبادل فيها جغرافيتنا. وأحيانا قد أمسح تعبي برؤية فنانة تشكيلية (صديقة) لم ألتقها منذ زمن. الورش التشكيلية، تمازج حضاري معرفي، جرأة واقعية، رسومات عفوية حسية مواقف صادقة، لا افتعال أو تكلف، نتاجها محبة في صفاء الروح. من خلال هذه الورش التشكيلية كبرت على أن الفنان الحقيقي، مهما استزاد يظل يحتاج، يتنقل بين ألوانه مرددا، هل من مزيد! جدة عروس منفتحة على العالم وذات أفق ثقافي عريق، غير أنها، من وجهة نظري، مقلة في تنسيق الورش الفنية العالمية، أسوة بالمهرجانات الترفيهية التي تنظمها على مدار السنة. هل سنرى المزيد من الورش الفنية في مدينتنا الحبيبة جدة؟ إنه أمل ننتظره!