لم تشفع تاريخية المكان وأقدمية الاستيطان لمركز نبط الذي يقع على مسافة 100 كم شمالي ينبع، ويعد من أقدم مراكز المحافظة، في وصول الخدمات الضرورية والمرافق الأساسية لاستمرارية الحياة العصرية في ذلك الموقع العتيق المتواري بين الجبال الشاهقة. لسكانها تاريخ طويل مليء بقصص الكفاح، يستعيده المسن الثمانيني مساعد غوينم العلوني، غير أن حديث المطالب والاحتياجات غلب على قصص التاريخ عندما قال «المحزن في قريتنا انعدام أهم المرافق الاساسية، إذ تخلو من مركز للرعاية الصحية ما جلب المعاناة لأهالي المركز والقرى والهجر المحيطة، وأجبرنا على قطع المسافات الطويلة من أجل الحصول على العلاج في ينبع أو أملج»، ويضيف مؤكدا «منذ 40 عاما ونحن نسعى خلف حلم إنشاء مركز صحي يخدم السكان، لكن الوعود تتالى من المسؤولين عن الصحة في ردودهم علينا بأن المركز سيعتمد في الخطة الخمسية»، ويختم حديثه «لا يزال أملنا كبيرا في تحقيق مطلبنا الهام وتوفير الرعاية الصحية في هذا المركز والقرى التابعة له». في السياق ذاته، حكى المواطن عثمان بريك العلوني أن والده كان قبل وفاته يحضر طبيبا وممرضة على سيارته الخاصة مرة كل أسبوع لمتابعة حالات المرضى في القرية «وحينما انتقل إلى رحمة ربه قبل سنوات، لم يعد يوجد من يتولى هذه المهمة لقرى نبط»، فيما طالب كل من عبيدالله العلوني وعايد عويض وزارة الصحة بالنظر في وضعهم وحاجتهم الماسة لتوفير الخدمات الصحية في هذه القرى، مشيرين إلى أن هناك قرى ومراكز حديثة تتبع لمحافظة ينبع وصلت اليها عجلة التنمية والخدمات الصحية «وتجاوزت قريتنا التى تعد من أقدم المراكز». من جهته، أكد الدكتور عبدالرحمن الصعيدي مدير القطاع الصحي في ينبع، أن احتياج قرية نبط لمركز رعاية صحية «مدرج ضمن قوائم احتياجات المنطقة الموجودة في وزارة الصحة، ولم يصدر بعد أمر اعتماده»، مشيرا إلى أن هناك بنودا واشتراطات محددة لافتتاح المراكز الصحية في القرى حسب الأهمية. ما هي نبط؟ قرية لها تاريخ وأقدمية في موضوع الاستيطان، وهي مركز يقع على مسافة 100 كم شمالي ينبع، ويعد ثاني أقدم المراكز التابعة لمحافظة ينبع بعد مركز ينبع النخل. اشتهرت نبط قديما بآبارها ذات المياه العذبة الوفيرة، وورد ذكرها في كتب رحلات الحج بحكم وقوعها على درب الحجاج، إذ كانت محطة نزول قوافل الحجيج القادمة من بلاد الشام، وبطبيعتهم البدوية في البحث عن موارد الماء والعيش بقربها، استقرت قبائل جهينة بجوار آبار نبط الشهيرة واستوطنت المكان منذ القدم.