نشرت «الاقتصادية» في عددها الأسبوع الفائت نقلا عن مركز المعلومات والأبحاث السياحية التابع للهيئة العامة للسياحة والآثار والإحصاءات أن عدد المغادرين من السعوديين إلى الخارج خلال فترة أسبوع الإجازة الأخيرة للمدارس والجامعات بلغ حوالى 500 ألف نسمة، يعني نصف مليون نسمة، وبلغ حجم إنفاقهم أكثر من مليار ونصف المليار ريال خلال هذه الفترة القصيرة جداً والتي لم تتجاوز سبعة أيام. وتعتبر هذه الأرقام اقتصادياً أرقاماً فلكية بكل المقاييس تؤكد حقيقة هامة تتمثل في أن السياحة الداخلية حتى الآن لم تستطع أن تدخل عالم المنافسة الدولية بحيث تحظى على قبول السائح السعودي وتستقطبه وتدفعه إلى البقاء في الداخل للحصول على الخدمات السياحية في المناطق السياحية المؤهلة في ربوع المملكة، بدلاً من السفر الى الخارج او التنويع في السياحة محلياً وخارجياً. كما أن المنتجات السياحية المحلية لم تستطع أن تجعل من السياحة الداخلية عامل جذب بحيث تنافس ما هو موجود في الدول المجاورة حديثة العهد بالسياحة وعلى رأس الخدمات السياحية الأساسية مثل السكن والمواصلات وأماكن الترفيه والمنتزهات العامة. والأسباب في حقيقة هذا الأمر كثيرة ومتنوعة، وبعضها معروف وبعضها مجهول ولكن جميع الأسباب تعطي نتيجة واحدة وهي أن الاقتصاد السعودي يخسر تكلفة الفرصة الضائعة من السياحة الداخلية لصالح السياحة الخارجية الملايين من الريالات كل عام وفي السنة على الأقل ثلاث أو أربع مرات مثال عطلة الصيف وعطلة الربيع وعطلة الحج وعطلة عيد الفطر. والسؤال كيف يمكن معالجة الأمر وما هو الحل، ويأتي الجواب إن الحل يحتاج الى المزيد من العمل والجهد في سبيل استقطاب السائح السعودي وإغرائه للبقاء في الداخل. ولن نتمكن من ذلك إلا من خلال العمل الشاق لبناء البنية الأساسية لصناعة السياحة في المدن المؤهلة لتقديم الخدمات السياحية والتغلب على التحديات التي تواجه هذه الصناعة وكسر الاحتكار الموجود في الاستثمار السياحي وتوزيع الفرص الاستثمارية بحيث تتمكن القطاعات المختلفة من التنافس في خدمة السياحة. كما يجب أن نخرج من إطار توكيل أمر السياحة الى جهة واحدة مثل الغرف التجارية او الهيئات غير المتخصصة في السياحة، ومحاولة إشراك الجهات المتخصصة والممارسة في العمل السياحي، كما ينبغي ان تعمل الهيئة العامة للسياحة في بذل المزيد من الجهود للوصول الى التميز والتنافس وتحويل المصاعب إلى فرص فليس هناك مستحيل اليوم في ظل توفر الإمكانات المادية والبشرية والخبرات المتراكمة لدى المتخصصين في مجال السياحة في المملكة والذين لا يألون جهدا في تقديم الخبرات اللازمة متى ما طلب منها ذلك فالسياحة صناعة ذات مردود اجتماعي يساهم في ترسيخ مفهوم الانتماء وحب الوطن ومردود اقتصادي تساهم في تنويع مصادر الدخل القومي. * خبير في مجال الاقتصاد والتسويق [email protected]