يتكون الذكاء العاطفي من عدة عناصر أساسية يتضمن كل عنصر منها مجموعة من القدرات تسهم في تحقيق التوازن النفسي. فالإدراك الذاتي، كعنصر أول، يتضمن القدرة على فهم العواطف الذاتية بصورة صحيحة ودقيقة، ومعرفة تأثيرها على المحيط العملي والاجتماعي. ثم هناك القدرة على معرفة مواطن الضعف والقوة وتقييمها تقييما دقيقا، والتعامل معها بشكل حيادي وموضوعي بحيث لا تتأثر شخصية القائد بنقاط ضعفه على حساب مواطن القوة لديه، أو العكس، وتسمى هذه الخاصية ب: «التقييم الذاتي». وإذا شمل التقييم الذاتي وعيا لقدرات الذات، برز في شخصية القائد إحساس بالقيمة الذاتية يتميز بالقوة والإيجابية، ويسمى «الثقة بالنفس». والعنصر الثاني هو إدارة الذات، وهي من أهم العناصر المكونة للذكاء العاطفي، وذلك لأنها ميزان القوى الخفية التي تصنع التناغم الداخلي في الذات الإنسانية. وهي لدى القائد عنصر لا بد منه لتعزيز شخصيته القيادية أمام ذاته وأمام الجماهير، فلن يستطيع ضبط الناس من لا يستطيع ضبط نفسه، ولن يستطيع التحكم في مسار الأمور من لا يستطيع التحكم في مسار مشاعره داخل أقنية النفس، وبخاصة إذا كانت تلك المشاعر سلبية. من هنا، تتمثل خاصية إدارة الذات عند الإنسان عموما، وعند القائد خصوصا، بقدرات مميزة نذكر منها التحكم الذاتي، والمصداقية، والتمسك بالمبادئ، والقدرة على التكيف، وحب الإنجاز والمبادرة. أما العنصر الثالث فهو الإدراك الاجتماعي، ويشار إليه عادة ب «نضج الشخصية الاجتماعية»، وهو القدرة على استيعاب الأعراف والتقاليد بصورة موضوعية، أي بصرف النظر عن اقتناع القائد بتقاليد اجتماعية معينة ولكنها سائدة في مجتمعه، فيتقبلها ويعمل بها – لا من منطلق المهادنة لأجل مصلحة شخصية – وإنما من منطلق التفهم للاختلاف في أذواق الناس. وأخيرا هناك ما يسمى بالمهارة الاجتماعية، ويقصد بها المرونة في التعامل مع مختلف المواقف والظروف التي تميز المجتمعات. فالمجتمع في نظر القائد حالة لا فردية تقتضي رؤية شمولية ونظرة احتوائية تستوعب اختلاف وجهات النظر والأذواق والمفاهيم والثقافات والقدرات الخاصة وما إلى ذلك. وهذه المهارة تكتسب بالخبرة والممارسة، ولكنها قد تكون موروثة أيضا فتصقلها التجربة وتعززها النجاحات المتتالية. من هذه العوامل الرئيسة يتكون الذكاء العاطفي للقائد، وهو ذكاء يسهم كما أسلفنا في إنجاح إدارة الذات، والعلاقة بالآخرين، وهي أدوات ضرورية في يد القائد لتحقيق أهداف أي مؤسسة تجارية أو صناعية، أو أي منظومة اجتماعية، بالتظافر مع عوامل النجاح الأخرى. د. عيسى بن علي الملا (الظهران)