في عالم الأعمال والعمال الذي ما فتئ يتغير بشكل كبير بفعل النشاط الكبير الذي يشهده قطاع الأعمال، فحسب آخر الإحصائيات بلغ عدد السجلات التجارية المسجلة بمكاتب السجل التجاري على مستوى المملكة في عام 2011 (98785) سجلاً. وإذا ما انتقلنا لإحصائيات السكان فإنه يبلغ عدد سكان المملكة 27 مليون نسمة يتراوح ما بين 50 و80 في المئة منهم تحت عمر 30 عاماً، هذه النسبة المهمة بل والخطيرة تجبرنا على التفكير في مستقبل هذه الأعداد في ما يتعلق بالعمل حيث لن تستوعب الجهات الحكومية كل هذا العدد، وعليه فإن التوجه للقطاع الخاص سيكون في ازدياد مستمر. ولذا فإن وجود التأطير القانوني أمر أساسي بطبيعة الحال، لكن الأهم أن يتم تحديث هذه الانظمة بما يتوافق و يتواءم مع المعطيات الحالية والمستقبلية. ومن جهة تشريعية فقد كان القانون الدولي للعمل أحد تلك المتغيرات التي طرأت على الصعيد الدولي وتوازى ذلك أيضا مع وجود مفهوم «الحقوق الأساسية للعمل» وهي متعلقة بحقوق الإنسان في جوانب العمل سواء بطبيعته أو بالمحيط الذي يعمل به الإنسان أو بما يتعلق بالجوانب المعيشية وتقنين الحد الأدنى من كل ذلك بما يتناسب والمعايير الإنسانية الدولية. وفي عام 1990 كان هناك حوار حول تلك القوانين مما أدى بعد ذلك في عام 1998 إلى الإعلان الدولي المتعلق للمبادئ الأساسية لحقوق العمل والصادر من المنظمة الدولية للعمل. إن وجود الاعتبارات الأخلاقية بالعمل لهو أمر ضروري جدا لا سيما في مجتمع إسلامي تتجلى فيه قيم عظيمة، لكن هذا لا يبرر ايضاً عدم تطوير التشريع والتقنين لمثل هذه القيم التي تنطلق من فهم مجدد ومقنن للشريعة وآخذا بالاعتبار كل المتغيرات التي يجابهها المجتمع وبيئة العمل الخاص. تشريعا يجمع تلك الحقوق الأساسية للعمل المنطلقة من القوانين الدولية وتلك المبادئ المجتمعية جنبا إلى جنب بهدف تعزيز مصلحة العامل وضمان حقوقه بشكل مستدام مما سيؤدي إلى الوصول الى ما يسمى «السلام الاجتماعي» ناهيك عن شعور العامل بالأمان والذي سينعكس على إنتاجية وتنافسية العمل. ليدعم بنتيجته دور القطاع الخاص في المجتمع في دعم الاقتصاد وتقليل البطالة والعمل كأحد أضلاع مثلث التنمية مع الجهات الحكومية والفرد.