من الروضات التي بدأت تكثر في الآونة الأخيرة في كل المدن السعودية تقريبا توجد روضة صغيرة في مدينة حائل تستخدم نظام «منتسوري» التعليمي، ونظام منتسوري لمن لا يعرفه يقوم على التدريبات العينية للطلاب، بمعنى أن الطفل لا يمكن له أن يفهم الأرقام أو الحروف مجردة هكذا إلا من خلال تصور ذهني مسبق لما يريد أن يتعلمه، من خلال عدد هائل من الألعاب التعليمية البسيطة التي تهدف إلى ربط الطالب ذهنيا بتصوراته العلمية، ولذلك يصب الاهتمام على بناء التصورات أكثر، وخلال أشهر طويلة تصل أحيانا إلى سنتين، حسب عمر الطفل قبل الدخول في معترك الكتابة والقراءة، ويقول أصحابها إنهم سوف يطبقون هذا النظام أيضا في السنة القادمة في الصف الأول الابتدائي. ما لفت نظري في هذه الروضة ليس استخدامها نظام منتسوري فهو معروف وتطبقه أكثر من روضة في المدن الكبرى، حيث ثبتت فاعليته التعليمية والسلوكية للأطفال أضعاف التعليم التقليدي المعروف بسبورة وقلم وكتاب، وإنما الذي لفت نظري ذلك الجهد المالي الذي تكلفه أدوات اللعب التعليمية في الفصل الواحد حيث تقارب العشرين ألف ريال للقاعة الدراسية الواحدة، وهو بالتأكيد جهد كبير على روضة جديدة. في الروضات الحكومية أو التعليم الابتدائي لا يجد الأطفال ربع هذا الجهد الذي في مثل هذه الروضة الخاصة، فهل عجز نظامنا التعليمي عن مواكبة أحدث النظريات التربوية في ما يخص أهم مراحل التعليم (الطفولة)؟ وهل عجزت الوزارة على كل تطورها وتطويراتها عن مواكبة نظام منتسوري الذي تطبقه الروضات الخاصة؟ وتزداد هذه التساؤلات إلحاحا إذا عرفنا أن ميزانية التربية هي أضخم ميزانية يصرف عليها من خزينة الدولة. برأيي أن التعليم لن يتطور وهو ما يزال يدار بعقلية السبورة والكتاب ودفتر التحضير الذي يحرص على وجوده المعلم والمشرف ومدير المدرسة وقبلهم وزارة التربية نفسها، فكل ما هو حاصل من تطوير لن يفيد ما لم تتغير الرؤية التربوية بأكلمها كما فعل أصحاب تلك الروضة وتفعله الروضات الخاصة الأخرى.