يجمع أولياء أمور أطفال توحديين على أن أبناءهم قادرون على العطاء والإبداع في كل المجالات متى ما وجدوا التشجيع والدعم من مؤسسات المجتمع، وطالبوا باستثمار طاقات مرضى التوحد وصقل مواهبهم والأخذ بأيديهم قدر الإمكان، وذلك لضمان تحقيق نتائج مميزة، خصوصا أن الوقائع تؤكد أن التوحدي في داخله مبدع يخرج إلى العلن متى ما وجد البيئة الحاضنة والتحفيز من الآخرين. وفي مسابقة الفن التشكيلي «نحن والخليج العربي» التي نظمها أخيرا مركز جدة للتوحد أحد مشاريع الجمعية الفيصلية الخيرية النسوية في جدة نثر التوحديون إبداعاتهم في الرسم وعرضوا 44 لوحة متعددة الموضوعات، عكست بشكل جلي مواهب دفينة، وسط مطالبات من أسر هؤلاء الأطفال بتسليط الضوء على هذه الفئة المغيبة إعلاميا واجتماعيا. وقالت السيدة أنسية حكيم والدة الطالب مهند علي بخش الفائز بالمركز الأول في المسابقة إن لدى الكثير من مرضى التوحد طاقات وإبداعات خلابة تحتاج إلى صقلها وتنميتها، وأكدت أن ابنها مهند أبدع في رسوماته وشارك بعدة لوحات فازت إحداها بالمركز الأول، وهو جهد يتوجب احتضانه ودعمه وتطويره. وفيما ترى أم عبدالرحمن والدة طفل توحدي مشارك أن التوحديين يحتاجون إلى وقفة من المختصين في الشأن التربوي والاجتماعي، يؤكد والد طفل توحدي آخر، أن ابنه كان يعاني من اضطراب انفعالي أعاق نموه الاجتماعي، لكنه وجد ضالته في مركز جدة للتوحد الذي صقل موهبته وطور قدراته. ومن جهتها قالت نائبة المديرة التعليمية لمركز جدة للتوحد سعاد الحبشي إن هذه المسابقة جاءت تجاوباً مع التوجه العالمي لتكريم واحتضان الأشخاص المصابين بالتوحد في المناسبات الاجتماعية في مختلف دول العالم، وتنظم للمرة الثانية وبمشاركة دول مجلس التعاون الخليجي، فيما تهدف إلى إثراء أحاسيس أطفال التوحد وتنمية مشاعرهم تجاه البيئة المحيطة بهم. وأوضحت أن مركز جدة للتوحد يعد من أهم المؤسسات الاجتماعية الرائدة في تقديم أفضل البرامج التربوية والدعم الأسري لأهالي المصابين بالتوحد، وساهم المركز على مدى 17 عاماً في تقديم العديد من الخدمات التأهيلية والتعليمية وبلغ عدد الخريجين سبعة عشر طالبا وطالبة من السعوديين والمقيمين، التحق منهم ثلاثة للعمل في المركز. وتقول الإخصائية النفسية رفعة المطيري إن التوحد مرض يظهر بوضوح في السنوات الثلاث الأولى من عمر الطفل، ويعرف بأنه عجز يعيق تطوير المهارات الاجتماعية والتواصل اللفظي وغير اللفظي واللعب التخيلي والإبداعي، وهو نتيجة اضطراب عصبي يؤثر على الطرق التي يتم من خلالها جمع المعلومات ومعالجتها بواسطة الدماغ، مسببة مشكلات في المهارات الاجتماعية تتمثل في عدم القدرة على الارتباط وخلق علاقات مع الأفراد، وعدم القدرة على اللعب واستخدام وقت الفراغ، وعدم القدرة على التصور البناء، لكن هناك برامج متخصصة تساعد في علاج هذه الحالات والأخذ بيد الأطفال التوحديين. وكانت الفنانة التشكيلية صفية بن زقر كرمت الأسبوع الماضي الطلاب التوحديين الذين فازت لوحاتهم في المسابقة وقدمت لهم شهادات وهدايا، فيما عبر المشاركون وأسرهم عن سعادتهم بهذه المناسبة والقفزة الكبيرة التي تحققت لأبنائهم بما يسهم في تطوير قدراتهم الذاتية وصقل مواهبهم.