في الذكرى الأولى لمجزرة جمعة الكرامة التي هزت وجدان اليمنيين، وأدخلت الحزن والفاجعة إلى كل بيت، وشكلت منعطفا داميا في رحلة التغيير، الذي بدا أن كلفته تتعالى في ظل توازن الرعب القائم بين أطراف الصراع السياسي الموازي لهذا التغيير، ومع انتشار آلات الموت والدمار في أيدي العبث السياسي والعسكري والقبلي مقابل تطلعات الشباب والبسطاء من الناس لغد أفضل، ودولة حقيقية تتجاوز جميع من كانوا سببا في تدهور الأوضاع وانفلاتتها سياسيا وأخلاقيا على مدى الفترة الماضية. وفي عودة لجريمة جمعة الكرامة البشعة وما شابهها من جرائم الصراع السياسي والتعبئة ضد الآخر بما في ذلك حادثة جامع النهدين، ومجازر الجنود الأبرياء في أبين، ينبغي ألا تمر هكذا دون أن يعرف الناس حقيقة ما حدث لأنه من الصعب إعمال قانون التقادم فيها أو تحويلها إلى ذكرى، فمطلوب أن يكون الدم اليمني محل قداسة لدى الجميع، وأن يتم إدارة الاختلاف بعيدا عن أصوات الرصاص، ولغة الموت العابثة بالحياة وبالوطن معا. وواضح أن المحيطين الإقليمي والدولي كانا أكثر حرصا على وقف نزيف دماء اليمنيين من اليمنيين أنفسهم فجاءت خطواتهما عملية وحاسمة في هذا الصدد تم تتويجهما في المبادرة الخليجية والقرار الأممي 2014م، وكانت بنودهما واضحة في رفض وإدانة العنف وإراقة الدماء، والدخول فورا في العملية السياسية السلمية من جهة، ومن جهة أخرى كانوا أكثر حصافة في تقييم وتأطير تفاصيل كل ذلك العنف وتجاذباته المختلفة بعيدا عن تضخم الذات الإعلامية عند كل طرف سياسي، ويمكن لنا تحديد ملامح الدماء التي أريقت بأنها لم تخرج عن هدفي الشباب في نضالهم وتطلعاتهم المشروعة، والجنود الذين أزهقت أرواحهم في مواقع الغدر وتصفية الحسابات السياسية الضيقة بينما كبار وممولو كل هذا العنف بكل أطيافه كانوا في بروج مشيدة. • كاتبة يمنية