في خطوة مشابهة لما أقدمت عليه روسيا من تحريك لقواتها إلى داخل صربيا بعد أن انهارت مقاومتها أمام ضربات الأطلسي سنة 1995م، أعلنت وكالة الأنباء الروسية عن وصول وحدة من مشاة البحرية الروسية إلى ميناء طرطوس على متن سفينة تابعة للأسطول الروسي في البحر الأسود، وتضم الوحدة أفراداً من كتيبة الإنزال والاقتحام من مشاة البحرية. ولقد ساقت وكالة الأنباء الروسية تبريرات غير مقنعة لوصول السفينة المحملة بالجنود والعتاد إلى طرطوس من نوعية أنها في مهمة إمداد تمويني (لوجستي) لبعض القطع الحربية الروسية الراسية في خليج عدن. وبالطبع فإن تبريرات كهذه لا يمكن القبول بها لأن من يرغب في إمداد قطع بحرية راسية في خليج عدن لا يمكن أن يكون من الغباء بحيث يجعل بينه وبينها قناة ومضيقاً ويعرضها للمراقبة وربما التعطيل إن لزم الأمر. كما أنني لا أتوقع أن تلجأ روسيا، رغم توفيرها للغطاء السياسي لحماية نظام الرئيس بشار أسد، إلى التدخل المباشر في العمليات القتالية في سورية خاصة أنها الدولة المسؤولة إلى جانب حليفتها الصين عن منع التوصل إلى إجماع دولي يوفر الحماية للشعب السوري ويوقف أنهار الدم التي يسفحها النظام الحاكم ليل نهار دون وازع من وطنية أو خلق أو ضمير، ولم أقل دينا لأن مثل هؤلاء القتلة لا دين لهم.. ولكن ما يمكن أن أستخلصه من هذا التواجد الروسي الجديد على الأرض السورية هو عدة إشارات منها أن الروس يرسلون رسالة علنية بتواجدهم على الأرض السورية قبل غيرهم وأنهم جادون في منع تواجد أي أطراف أخرى على الأرض السورية. ومنها أن الروس قد أحضروا أسلحة ومعدات جديدة مناسبة لحرب العصابات وأن القوة الجديدة ستقوم بتدريب القوات السورية عليها خاصة أن الجيش السوري مازال متمسكاً بعقيدته القتالية القديمة ونظام معركته القائم على ثلاثة فيالق قتالية متمركزة في دمشق والزبداني وحلب، وتتبعها فرق وألوية عضوية ومستقلة على النمط الروسي القديم؛ فسورية لم تضطر قط لخوض حرب عصابات منذ استيلاء حافظ أسد على السلطة وقضائه على المقاومة الإسلامية في حماة؛ ولذلك لجأ الرئيس بشار إلى إيران وحزب الله لتدريب (شبيحة) نظامه على مثل هذا النوع من القتال وربما المشاركة فيه حسب عدد من المصادر، ولكن يبدو أن جهود الحلفاء الإقليميين لم تعد كافية خاصة في ضوء المستجدات على الساحتين الإيرانية واللبنانية ما دعا إيران لتخفيف لهجتها على المستوى الإقليمي، ودعا حسن نصر الله للركون للسلم ومحاولة إعادة تقديم نفسه كوسيط في الأزمة بدعوة جميع الأطراف إلى إلقاء السلاح بشكل متزامن. كل هذه المؤشرات تقودنا للاعتقاد بأن قناعة قد تربت لدى القيادة الروسية من أن الأحوال في سورية تتجه إلى مزيد من التدهور، وأنها لا تستطيع الاستمرار في دعم النظام القائم دون قيد أو شرط لوقت طويل؛ ولذلك يمكن تفسير التحرك الروسي الجديد على الأرض بأنه محاولة أخيرة لتقديم دعم لوجستي يشمل الأسلحة والتدريب على حرب العصابات للقوات السورية النظامية، وفي حال الفشل يتم توظيف هذه القوة الروسية على الأرض في حماية المواقع الروسية وترسانات الأسلحة المتقدمة في سورية أو نقلها وترحيلها فوراً قبل أن تستولي عليها أية جهة معادية. وأغلب الظن أن روسيا قد بدأت بالفعل عملية كبيرة لنقل كافة أنظمة التسليح المتقدمة سواء كانت صاروخية أو كيميائية أو بيولوجية أو حتى رادارية متقدمة على متن سفينة (إيفان بوبنوف) التي غادرت ميناء طرطوس منذ أيام.. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 130 مسافة ثم الرسالة