شهد الأسبوع الماضي حدوث عدد من المجازر بحق السوريين والفلسطينيين في غزة، وكذلك بحق المدنيين الأفغان. ففي سوريا، قتلت قوات الأسد سبعة وخمسين مدنيا من النساء والأطفال في مدينة حمص نهار الاثنين، وأعقبتها بواحد وخمسين قتيلا نهار الثلاثاء في إدلب. وفي غزة، واصل الجيش والطيران الإسرائيلي قصفه للطلاب الفلسطينيين الذاهبين إلى مدارسهم، وأردى عددا منهم قتلى وجرحى، وبلغ عدد الشهداء الفلسطينيين ثلاثة وعشرين شهيدا خلال خمسة أيام. وفي قندهار، أطلق مجند أمريكي الرصاص على ستة عشر قرويا فأرداهم ببندقيته، بعد منتصف ليل الأحد الماضي. ويتساءل المرء، ما الذي يربط بين هذه المذابح؟ والحقيقة أن المذابح تأتي حين يقف جنود أو إرهابيون بأسلحتهم ورشاشاتهم أمام شعبٍ أعزل مسالم لا يستطيع الدفاع عن نفسه. فالحرب بين جيشين أمر مقبول، ويستطيع كل طرف أن يدافع عن نفسه، وعن رفيقه في السلاح. ولكن حين تكون المعادلة أحادية، ويقف الجندي المسلح وقائده المتشنج والمهووس بحمى الحرب أمام أفراد عزل، أو مجموعة صغيرة من الأطفال والأمهات، فإن الحال يتغير. وتنتصر إرادة العنف والقهر ضد إرادة السلام، وينسف أمن الناس، وتنتهك سلامتهم وحرماتهم. وهناك من ينظر إلى المجازر على أنها أعمال فردية يقوم بها جنود مهووسون، أو ممن فقدوا سيطرتهم على عقولهم وأحاسيسهم، ولكن الحقيقة أن المجازر أيضا ذات طابع سياسي. فهي تعبر عن رغبة عميقة بالانتقام، ويمكن أن تعبر عن سياسة تتبعها بعض الجماعات المسلحة والدول لاقتلاع البشر من أماكن سكنهم وتهجيرهم إلى أماكن أخرى، والاستيلاء على أراضيهم وممتلكاتهم وتغيير طابعها السكاني. ومثل هذا ما حدث للفلسطينيين في دير ياسين، وفي تل الزعتر، وفي الضفة الغربية، وخان يونس، وغيرها من المدن الفلسطينية. وعبر هذه المذابح الممنهجة تحاول إسرائيل طرد الفلسطينيين وتهجيرهم من بلادهم وقراهم. ومن ناحيةٍ قانونية، فالضحية في مثل هذه المجازر لا يستطيع الدفاع عن نفسه، بل لا يمكن تأكيد شخصية الفاعل ومحاكمته على جرمه. وقد لعب الإعلام مؤخرا دورا في كشف هذه المآسي، ولكن القانون الدولي ظل غائبا عن عقاب هؤلاء المجرمين المسؤولين عن سفك الدماء. وهناك حاجة ماسة أن تقوم جمعيات حقوق الإنسان بالدفاع عن حقوق الموتى مثلما هي تدافع عن بعض حقوق الأحياء. ويتطلب ذلك جمع القرائن والأدلة والبراهين الميدانية، وإجراء محاكمات في ظل محاكم لا زالت مفتوحة أمام مثل هذه القضايا، وإن بشكلٍ متناقص يوما بعد يوم. أما الجهة الأخرى التي يجب أن تتبنى مثل هذه المحاكمات، فهي محكمة الجنايات الدولية، بالرغم من تسييس بعض قضاياها في الوقت الحاضر. ويسعى المجلس الوطني السوري إلى فتح تحقيق دولي من المحكمة في أعمال إجرامية قام بها 75 ضابطا ومسؤولا سوريا، أمروا بارتكاب فظائع ضد سكان المدن السورية. غير أن المحكمة قد تعامت حتى الآن عن أعمال إسرائيل الإجرامية، وهي مهتمة بالقضايا الأفريقية، أكثر من اهتمامها بالقضايا العربية، خاصة أنها تابعة من ناحية قانونية لإرادة مجلس الأمن، الذي لازال مشلول الإرادة تجاه القضية الفلسطينية والقضية السورية. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 119 مسافة ثم الرسالة