ما حدث في اليمن أمر غير مسبوق في عالمنا العربي، حدث تاريخي بكل المعايير أن نشاهد رئيسا يسلم السلطة لرئيس جديد. الرئيس السابق توصيف غير موجود في الأدبيات السياسية العربية لأن الرئيس لا يغادر الكرسي إلا عندما يحين أجله. التداول السلمي للسلطة موجود في بنود الدساتير لكنه لم يحدث. وحتى إن كان ما حدث في اليمن نتيجة ضغط شعبي ودماء وخراب ووساطات ومبادرات إلا أن النهاية كانت مفاجأة كبيرة لجمهور المشاهدين العرب عندما حضر الرئيس السابق علي صالح مراسم تنصيب الرئيس الجديد عبد ربه هادي وسلمه علم اليمن وأوصاه وبقية القوى السياسية بمستقبل اليمن.. المشهد إما يؤسس فعلا لمرحلة جديدة من نمط الحكم وتداول السلطة أراد علي صالح أن يكون عرابها، وبناء على ذلك يجب إحسان الظن به في كل تصرفاته ومواقفه السابقة وإصراره على عدم التنازل عن موقعه كرئيس لليمن حتى يسلم المهمة بنفسه للرئيس القادم ليمارس صلاحياته كاملة، وإما يكون ما فعله جزءا من تكتيكه للبقاء في المشهد والاستعداد لبدء مرحلة أخرى في وقتها المناسب.. الذين يميلون إلى الاحتمال الثاني مدفوعون بقناعتهم الراسخة أنه لا يمكن لرئيس عربي أن يشاهد غيره حاكما وهو على قيد الحياة، فكيف يحضور مراسم تنصيبه والعودة إلى منزله كأي مواطن آخر. شيء يصعب استيعابهم له، وبحسب هذه الرؤية يذهب تفسيرهم لإصرار صالح على العودة من رحلة علاجه بزعم حضور المناسبة، وكذلك تلميحاته المتكررة بأن عبد ربه هو مرشح الحزب الذي يرأسه، ورغبته البقاء في رئاسة الحزب وممارسة نشاطه السياسي، وأهم من ذلك ما روجه بعض أنصاره أنه لا شيء يمنعه من الترشح للرئاسة بعد سنتين.. ومع أن مجرد وجوده في اليمن خلال هذه الفترة التي ما زالت مشوبة بالتوتر قد يكون استفزازيا للبعض، فإن انخراطه في الحياة السياسية من بوابة أخرى وبهذه السرعة قد لا تكون نتيجته جيدة، وربما تفتح باب الأزمة من جديد.. المتفائلون يقولون إنه أمر جميل جدا أن يصبح علي صالح رئيسا سابقا بالفعل ويبقى في وطنه، ولا ضير أن يعود للحياة السياسية في وقت لاحق ولكن ليس بذهنية الرئيس أو «المرشد الأعلى» كما قال أحد المعلقين. عليه أن يجاهد نفسه كي يستوعب أنه لم يعد رجل القصر الجمهوري، وأن الرئيس في النهاية مواطن، وأي مواطن يمكن أن يكون رئيسا. هي تجربة صعبة ولكن لو استطاع ترويض نفسه على قبولها فإنه سيكون رمزا بالفعل، وكم نتمنى أن يؤكد علي صالح حسن الظن به.. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة [email protected]