الصدمة الحقيقية والفاجعة الكبرى للنفس البشرية هي اكتشافها بأنها لا تعلم أي شيء في الوقت الذي هيئ لها أن تعلم عن كثير من الأشياء!. والشعور بالغباء أو العجز، أو أنك كنت تعيش في عالم لا ينتمي مطلقاً للعالم الموجود داخل كتيب مليء بالأسئلة المنطقية والكمية واللفظية يسمى اختبار (القدرات)، هو ما قد يسعى إليه هذا الاختبار المصيري (التعجيزي)؛ وتعمد فيه للاختيار العشوائي في كثير من إجاباته ليس لأنك غبي أو عاجز بالفعل، ولكن لأن الذكاء المطلق لا يكون فقط في استنتاج الحلول إنما في السرعة في استرجاع المعلومات أيضاً، وسرعة البديهة وافتراض الإجابة الصحيحة بدون ورقة وقلم !. بصراحة، مررت بتجربة اختبار القدرات وكفايات الإنجليزي، ولم أشعر إلا بهستيريا من الضحك بعد انتهاء الاختبار، لم أكن أدري أن العالم من حولي قد تطور بهذه السرعة وأنني ما زالت أقبع وراء مكتبي في عملي الحبيب!. إحدى الطالبات في مرحلة الثانوية بعد خروجها من الاختبار أدلت برأيها بكل جرأة ندمت عليها فيما بعد عندما هاجمتها زميلاتها بغضب وصراخ «امتحان عادل لأن البقاء للأقوى ولا يستحق التعليم إلا من يستحقه بالفعل، وهذا الاختبار يكشف عن قدرات الطالبات الحقيقية!». أجابتها إحدى زميلاتها: التعليم حق للجميع وليس للأذكياء فقط. بالنسبة لي كانت المتعة في الاختيارات العشوائية، لا أخفيكم أنني لجأت لهذه الطريقة في كثير من الأسئلة لأنني بالفعل لا أملك الوقت حتى لقراءة السؤال مرتين!. كرتون أحمد به خمس تفاحات وكرتون صالح به ست عنبات فكم برتقالة في كرتون فهد؟!. (أتوقع سبعة؟!) شعور بالظلم ذلك الذي يبخس قدراتك العقلية لا لشيء، إلا لأنك لم تستطع الإجابة على سؤال خلال دقيقة واحدة من عشرات الأسئلة التي تجاوزت المئة ونصفها أسئلة مصيرية رسمت عبارة (أكون أو لا أكون) على كل صفحة من صفحاته الكثيرة!. همستي: ذلك (العقاب) الكبير لن يعجزه عن الطيران بجناحيه العملاقين ورؤية العالم من تحته إلا وخزة شوكة في عصب جناحه العظيم!