نشرت بعض الصحف المحلية عن مسؤول في وزارة التجارة أن الوزارة رصدت خسارة الاقتصاد السعودي ما يعادل 140 مليار ريال سعودي سنوياً وذلك من خلال التعرف على قيمة التحويلات السنوية للعمالة الوافدة والتي تعمل في مشاريع خاصة بنظام التستر وباسم مواطن سعودي. ولا شك أن هذا الرقم الكبير يعتبر خسارة مادية كبيرة للاقتصاد السعودي حيث يمثل قيمة اقتصادية قادرة على بناء بنية صناعية محلية تساهم في تنويع مصادر الدخل القومي وتقلل من نسبة الاستيراد. ولكن هناك ما هو أعظم خسارة من هذه الخسارة الاقتصادية هي الخسارة الاجتماعية والمعنوية والنفسية، حيث كما يعلم الكثيرون أن التستر مرض فتاك يصيب جميع أفراد المجتمع وليس قطاعا واحدا أو شريحة محددة. وعلى سبيل المثال فإن التستر يساهم بشكل كبير في زيادة نسبة البطالة في المجتمع حيث إن المواطن يبقى بدون عمل بسبب عدم قدرته الدخول في مشاريع صغيرة أو متوسطة بسبب المنافسة الشرسة من العمالة الوافدة المسيطرة على قطاع كبير من الأعمال الصغيرة والمتوسطة، وبذلك تنتشر البطالة ويعاني منها الفرد والمجتمع. كما أن التستر يساهم في خلق أسواق مجهولة الهوية وتعرف بالسوق السوداء وتتسم بأنها مليئة بالسلع الرديئة والسلع المغشوشة كما نشاهد اليوم ونسمع حيث نرى هناك أسواقا مخصصة لبيع السلع غير الصالحة للاستخدام ويمارسها القائمون بالعمل من المخالفين للعمل التجاري. فمن منا لم يسمع بمحلات أبو ريال ومحلات أبو خمسة ريالات وأسواق الحراج ناهيك عن المحلات والبقالات الصغيرة والمطاعم التي تديرها العمالة الوافدة ولا يملك السعوديون نسبة 10 في المئة من مجموع تلك المحلات المنتشرة فى الأسواق المحلية. ومن مشاكل التستر تعطيل رأس المال المحلي حيث هناك شريحة كبيرة من المجتمع التي ترغب العمل في مجالات صغيرة لتحريك رأس المال الصغير ولكن لا تستطيع بسبب عدم القدرة على العمل بسبب سيطرة العمالة الأجنبية لقطاع الأعمال. وخير دليل المحلات التجارية التي أقفل أصحابها الحقيقيون أبوابها بسبب دخول مافيا العمالة الوافدة بالسلع القليلة الجودة والرخيصة الثمن ومنافستهم للتجار الأصليين. وهنا يبرز سؤال مهم يتمثل في أسباب انتشار هذه الظاهرة في السوق السعودي وبشكل ملحوظ جدا، ونقول إن السبب الأول هو المواطن الذي وافق على أن يعطي اسمه للغير برسم التأجير مقابل مبلغ محدد دون التفكير في الأضرار الذي يلحقها بالاقتصاد الوطني والمجتمع. والسبب الثاني هو التساهل في تطبيق العقوبات على الجهات المتسترة حيث لا نسمع عن أي جهة تم تطبيق عقوبات التستر عليها لكي يتعظ بذلك الآخرون. لذلك نرى أن الأمر يتطلب سرعة تدارك المشكلة من خلال وضع تشريعات جديدة تتناسب مع الموقف الحالي بحيث تضمن عدم إمكانية استفادة بعض المخالفين من المواطنين من تأجير هويتهم للغير، وفي نفس الوقت السماح لمن لديهم القدرة من المواطنين على الدخول إلى سوق العمل من خلال التخفيف من الإجراءات الروتينية وإزالة العقبات التي تعيق العمل والتي تشهده الأسواق المحلية مع توفير الضوابط التي تحقق المصلحة العامة من جهة وتحقق البيئة التنافسية الحرة في الأسواق المحلية من جهة أخرى. [email protected]