بين جمال الصورة في كتابات غادة السمان وألم الإحساس الممزوج بصوت الشعب السوري، يقف المتابع لصفحتها عبر الفيس بوك متأملا معاناة أبناء جلدتها في آخر كتاباتها على حائطها حيث تقول: لا أريد وطناً يربطني بالخيط ويجرني خلفه مثل كلب صغير أريد وطناً جاداً كموتي لا ينازعني أحد حقي فيه كموتي كلمات كتبتها غادة السمان في ظروف يعيش فيها وطنها الأم سوريا ومدينتها العظيمة دمشق أياما عصيبة لم تشهد لها سوريا مثيلا في تاريخها الحديث، فكانت الكلمات نابعة من وجع القلب وألم الروح صاغتها حروفا تصرخ في وجه الظلم متعدد الوجوه والصور في زمن غابت فيه شمس الحق عن فضاء سوريا. غادة السمان الإنسانة الرائعة كشمس «الشام» عندما تكتب عن الوطن فهي تستلهم ماضي طفولتها ونشأتها تحت عرائش الكرم وفوح الياسمين وموسيقى خرير الجداول في ثنايا «بردى» وغابات الغوطة التي تعلمت منها الانطلاق إلى عالم مفعم بالحياة خال من القيود مسكوناً بالحرية الأبدية. وإذا كان هذا ما كتبته غادة السمان فإن المتصفحين الذين تفاعلوا مع هذه الكلمات «العابرة» قد تنوعت ردودهم وأشعلت حماسهم وإحساسهم بقيمة الوطن وعذاباته التي آن لها أن ترحل. يقول المعلق علي سعيد (مخاطباً غادة السمان): «وطن كهذا لن تجديه، فهذا الوطن الذي تنشدينه هو وطن افتراضي.. تماماً كمدينة أفلاطون التي لم تر النور إلا في صفحات الكتب». وأيده في ذلك سامي حسين قائلا: «صدقت يا علي والله لقد عبرت عن كل مشاعرنا». لكن دويا دويا كان رأيها مختلف عن من سبقها حيث قالت: «حبيبتي غادة ربما ستجدين هذا الوطن». وكذلك وافقها «نابليون» الذي كتب معلقاً: «وطنك الذي تبحثين عنه موجود في ضمائرنا ووجداننا نراه كل يوم في عيون أطفالنا.. غدا تشرق شمس الحرية فيسمو الوطن وتتحطم أصنام الجبروت». صفحة غادة السمان على الفيس كانت أشبه بعالم تتداخل فيه الأحداث وتبدو فيه لمسات المبدع الفنان، فصورة البروفايل في صفحتها عبارة عن صورة لنصف وجهها وهي تنظر إلى البعيد الذي ربما يكون زمنا تتمنى أن يعود أو أنها تستشرف القادم الذي ربما لم تستطع أن تحدد ملامحه بعد. الكاتبة اختارت (البينكي) لوناً رئيسا ل«بروفايلها» وهو ما تتفق فيه مع أغلبية نساء اليوم اللاتي يفضلن هذا اللون المتحرر في كل شيء وكتعبير عن إحساسها بالأنوثة التي جسدتها كثيرا في كتاباتها وفي تعريفها لنفسها حين كتبت تحت صورة البروفايل «غادة السمان امرأة عربية وحرة»، أما التشبيك بين أصابع يديها فلم تكن سوى رسائل أرادت أن تبعثها الكاتبة لأكثر من طرف ربما للمحيطين بها أو لمن هم قابعون خلف الأسوار العالية يلوكون الحيرة ويتخطفهم الموت. وفي ألبوم الصور الخاص بصفحتها على الفيس بوك، اتضح أيضا أنه لا يحتوي على صور لأي رجل حيث أن جميع الصور نسائية بحتة باستثناء صورة لرجل وامرأة لا تظهر ملامحهما كاملة وهما يمسكان بيد بعضهما البعض، وهنا يبدو أن الكاتبة التي أثارت جدلا في علاقتها بالرجال بسبب المراسلات قد قطعت علاقتها بالنصف الآخر بعد وفاة زوجها عام 2007م.