يمكن لموارد أي دولة أن تنمو وتزيد كما يمكن أن تبدد وتهدر وتنضب حسب طريقة وكفاءة استخدامها وقوة وأمانة القائمين على إداراتها. ولهذا فإن السلوك الفاسد يبدد الثروة والموارد مثل الرشاوى والاختلاس، والتبذير في نفقات الدولة، وتزوير أو تضخيم فواتير الإنفاق العام، ومنح الصفقات خارج محددات المنافسة، أو استغلال الأموال العامة، والتهرب الضريبي أو الجمركي. ويصيب هذا السلوك بشكل مباشر الجوانب الاقتصادية في الدولة، حيث يضعف موارد الحكومة ويزيد من الإنفاق العام كما يؤدي إلى زيادة الفقر والبطالة ويزيد من اتساع رقعة الاقتصاد الريعي على حساب الاقتصاد المنتج، ويهرب الأموال إلى خارج دائرة الإنتاج بجانب آثاره السلبية على مستوى الأسعار، وعوائد الاستثمارات، والإنفاق الحكومي، توزيع الدخل، نوعية الخدمات، وكفاءة الموارد البشرية بجانب مضاعفات أخرى تتعدى الحيز الاقتصادي والمالي إلى الحيز الاجتماعي. وهيئة مكافحة الفساد واحدة من الآليات التي يؤمل أن تسهم في كشف حالات الفساد التي حدثت في الماضي وضبط التي تحدث الآن والعمل على منع التي يمكن أن تحدث غدا. وتتمثل محصلة جهود الكشف والضبط والمنع في مكافحة كل ما يعوق تعزيز مبادىء الشفافية والمحاسبة في مختلف أجهزة الدولة بحيث يتم تنفيذ المشروعات التنموية والخدمية وفقاً للأهداف التي خطط لها وفي حدود الميزانيات المعتمدة وأن يتم صرفها كلها لتحقق منافع عامة فقط. وقد أوضحت العديد من الدراسات أن معدلات النمو تتأثر بشكل كبير بدرجات الفساد، فمثلا إذا تمكن المجتمع من تخفيض نسبة الفساد بنسبة 20 في المائة، فإن معدل النمو سيتضاعف حيث ستخصص الموارد على أساس النمو الاقتصادي لا المكاسب المالية. وعلى الرغم من أن القوانين الصارمة لمعاقبة الكسب غير المشروع أو الجزاءات التي يفرضها المجتمع على أفراده لمنع الفساد ومراقبة أساليب الفساد، تحد كثيرا من إهدار المال العام.