«شهرزاد» قصيدة سيمفونية لنيكولاي ريمسكي كورساكوف قصة فنية أكثر من رائعة، أما كيف.. فلنحكي كانت القصص والروايات العربية من أقدم الفنون في التاريخ وتعود للقرن العاشر، والتي نقلت إلى أوروبا عام 1704 من قبل «أنطونيو غالان» الذي نشر عدة مجموعات منها شملت الملاحم المعروفة وأشهرها مغامرات البحار سندباد وعلى بابا والأربعين حرامي وعلاء الدين والمصباح السحري، وألف ليلة وليلة، وشاعت في الحياة الثقافية الأوروبية وشكلت الخيال الروائي والفني للعديد من الأعمال . وتمثل رواية شهرزاد التي ابتدعها نيكولاي في العام 1888جانبا مهما بين الحكايات، وتدور على النحو التالي: كانت «شهرزاد» ابنة الوزير الكبير السلطان «شهرايار»، الذي ارتكبت زوجته الأولى الخيانة مما أفقده الثقة بالنساء وقاده الغضب وخيبة الأمل الدائمة إلى قرار اتخذه على نفسه، أن يتزوج كل ليلة امرأة ويقتلها في الصباح التالي. وقد نفذ أمر السلطان القاسي لمدة ثلاث سنوات الأمر الذي حرك مشاعر ابنة وزيره شهرزاد التي تصورت فكرة ستنهي مأساة السلطان و النساء معا، وتمكنت من إقناع والدها تقديمها زوجة السلطان المقبلة. تقدمت الفتاة الذكية إلى السلطان برجاء السماح لشقيقتها قضاء ليلة معها في غرفة الزفاف وطلب هو بالمقابل أن تقص عليه قصة. فبدأت شهرزاد واحدة من حكاياتها المثيرة وتوقفت قبيل بزوغ الفجر من نهاية القصة بسبب بزوغ أنوار الفجر وتعب الملك ونعاسه، الذي اضطر إلى تأجيل قتلها حتى تنتهي من قصتها في مساء اليوم التالي. و بالطبع كان على شهرزاد أن لا تنهي حكايتها أبدا، بل و تستخدم فنون الذكاء والدهاء وإظهار مواهبها في التحمل وقدرتها الأدبية والفنية، والأنوثة أيضا، وبعد ألف ليلة وليلة واحدة وفي غضون هذه المدة كانت قد أنجبت للسلطان ثلاثة من الأبناء وأحبها من كل جوارح قلبه بالإضافة لقناعته بإخلاصها وحكمتها، لذلك قرر العفو عنها وأقلع عن عادته الرهيبة. وهنا يأتي دور الموسيقار الروسي «نيكولاي ريمسكي كورساكوف» والذي قاده تأثيره بالشرق رغم أنه لم يزر الشرق أبدا إلى تأليف سيمفونية شهرزاد، و لم تكن السيمفونية الشرقية الوحيدة، بل أبدع و أنجز عملا كبيرا آخر و بذات النكهة أطلق عليه «عنتر» تيمنا بالشاعر العربي الكبير «عنتر بن شداد» في فترة ما قبل الإسلام و تعتبر هذه الأعمال من أهم الأعمال الموسيقية الاستشراقية و أشهرها و التي و ضعت «نيكولاي ريمسكي» في مقدمة الموسيقيين، بل الفنانين عموما الذين استلهموا من الشرق. يبدأ «نيكولاي ريمسكي» سيمفونية شهرزاد التي يتركز مضمونها انتصار الأنثى الذكية على جبروت الرجل، وإن كان حاكما في القرون السحيقة ببداية البحر و سفينة سندباد لحن صارم من النحاسيات يهيمن على الحركة و لحن كمان متعرج المقدمة من قبل جوقة آلات النفخ. ثم عزف منفرد على الكمان يبشر شهرزاد للحركة النهائية و تندفع رقصة قوية مع لمسات من الصنج والدفوف و تتخللها ضربات الطبل وجعجعة النحاس ثم ترتفع الموسيقى في خلاصة شاملة للموضوع من الحركة الأولى ثم تزول كما لو كانت ثائرة السلطان قد تلاشت ثم ينهي الكمان حكاية شهرزاد.