منذ سنوات طوال ويحيى ينام في العراء على سرير رث تحت لهيب الشمس المحرقة والبرد القارس في أحد الأحواش بضمد، يفترش الأرض ويلتحف السماء لا منزل له ولا عمل ولا زوجة. يقول يحيى «ما أقسى الحياة في وحشة العمر» قالها وهو يصارع الحياة بمفرده بجوار سريره القديم، «لا بيت يؤويني ولا حضن أسرة يدفئني وكل ما أتمناه بعد هذا العمر الطويل غرفة تحميني من لهيب الشمس المحرقة ومن لفح البرد والأمطار وسرير ألقي عليه جسدي، فالظروف القاسية تكالبت علي من كل صوب وأصبحت أتنقل من مكان لآخر هائما في الطرقات تحت لهيب الشمس ولفحات الجو البارد، وحين تأتي ساعة النوم تشتد آلامي للوحدة التي أعيشها، فأنا أشعر أن كل شيء في هذه الدنيا قد ضاق بي.