دائما وأبدا تستهوينا الأماكن البعيدة، ولا نفتأ عن ذكر محاسن المكان الآخر المقابل للشاطئ الجميل الذي نعيش فيه، في هذه الحياة نفكر دائما في الإبحار للجزء الأجمل من المحيط ومحاولة الوصول إلى الجزء الغامض منه، ولا يتحقق ذلك الا بوجود طريقة واحدة للوصول؛ المغامرة ومكابدة أمواج المحيط. قد نجد من يأخذنا معه في قارب ومن له نفوذ أقوى ويأخذنا معه في يخت كبير وكثير هم غير المحظوظين بعدم معرفتهم بأحد هوامير البحر الذين كانوا سيسهلون المهمة بشكل رائع. احيانا نصر على ولوج البحر بمفردنا وهي مغامرة قد تكون ناجحة وقد تكون لا أيضا، فإما أن تسبح ولديك القوة للمقاومة وإما أن تتكئ في مرفأ الأمان متفرجا على جموع السابحين للشاطئ الآخر المليء بالخيرات. كثير هم من سبحوا لمسافة قصيرة وأدركوا أن الذهاب للشاطئ الآخر حكر على أشخاص لديهم نفوذ ليستقلوا السفينة! وآخرون قاوموا حتى أنهكهم التعب وأنهك قواهم وانتهى بهم الحال غرقى في منتصف المحيط. والمحظوظ من وصل بمفرده للشاطئ الآخر وهم نوعان أيضا منهم من وجد ضالته ووجد الخيرات والغنائم ومنهم من وجد أن أصحاب السفينة سبقوه لها وأخذوا كل شيء له ثمن وتركوا له الحسرة والندامة وماء البحر! الأخير المسكين ذهب وعانى وتعب وعندما وصل وجد أن «الطيور طارت بأرزاقها» المشكلة إما أن ينتهي به الحال فقيرا مسكينا وحيدا في هذا الشاطئ أو يحاول العودة لبر الأمان. هذه هي الحياة يا أصدقائي، قد نتمكن من الوصول لمبتغانا بواسطة أنفسنا ولكن نحتاج للكثير من الجهد والتعب ولا ننظر لغيرنا لمن وصل لأنه فقط ركب في السفينة! بل يجب علينا أن نسبح للشاطئ الجديد بحثا عن المجد والنجاح، وليس عيبا أن نفشل بل يجب ان نفخر بأننا حاولنا ووصلنا دون مساعدة أحد، فسيأتي يوم ويحتاج ذلك المحظوظ للسباحة في نفس هذا البحر ولكن من غير سفينة تحمله ومن غير قبطان يقوده ومن غير سترة نجاة أيضا. فلنر ما هو فاعل وقتها. حسن بن عبدالعزيز السليمان (ينبع)