بقلم د. عبدالوهاب إبراهيم أبو سليمان من خصائص المدرسة المكية التاريخية الاهتمام بكل ما تعلق بالمسجد الحرام تفصيلا، نجد هذه الميزة واضحة في مدونات التاريخ المكي بعامة، وقد تجلت بوضوح لدى المؤرخين المتأخرين منهم مثل: فضيلة الشيخين عبدالله غازي، ومحمد طاهر كردي ناسخ القرآن الكريم، يأتي الاقتباس مما سطره المؤرخ الشيخ عبدالله غازي رحمه الله تعالى، حيث كان عمران الحرم الشريف قبل حدوث التوسعات السعودية المتوالية، وذلك قوله: «وأما أبواب المسجد الحرام فعدتها تسعة عشر بابا، تفتح على تسعة وثلاثين طاقا، في كل طاق درفتان فيها خوخة تفتح، فمنها بالجانب الشرقي أربعة أبواب: الأول: باب السلام، ويعرف بباب بني شيبة، وهو ثلاث طاقات، وهذا الباب لم يجدد فيه شيء؛ لكونه عامرا محكم البناء، وفي الدرفة اليمنى من الطاق الأوسط خوخة أيضا تغلق الدرفتين، وتفتح الخوخة ليلا لمن يدخل المسجد، أو يخرج منه، فترد الخوخة كما كانت وكذلك جميع الخوخات. الثاني: طاقان ويعرف بباب الجنائز، ويعرف بباب علي، وبباب النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يجدد في هذا الباب غير الشرفات التي (عليه)، وعدتها أربع وعشرون شرافة. الثالث: ثلاث طاقات، ويعرف بباب العباس، لمقابلته لدار العباس، ويعرف أيضا بباب الجنائز. الرابع: ثلاث طاقات، ويعرف بباب علي وبباب بني هاشم، وقد جدد هذا الباب والذي قبله على أحسن وضع، وعدد ما عليهما من الشرافات مائة وخمس عشرة شرافة. وبالجانب الجنوبي سبعة أبواب: الأول: طاقان، ويقال له: باب بازان، لأن عين مكة المعروفة ببازان قريبة منه، وقد جدد هذا الباب بأسلوب حسن، وعدد ما عليه من الشرافات ست عشرة شرافة. الثاني: طاقان، ويعرف باب البغلة، وقد جدد هذا الباب أيضا ولم يعمل عليه شيء من الشرافات. الثالث: باب الصفا، ويعرف أيضا بباب بني مخزوم، وهو خمس طاقات، وقد جدد هذا الباب تجديدا حسنا، وعدد شرافاته تسع وعشرون. الرابع: طاقان، ويعرف بباب أجياد الصغير، وقد جدد، وعدد شرافاته تسع عشرة شرافة، وينزل منه إلى المسجد بتسع درجات. الخامس: طاقان، ويعرف بباب المجاهدية، ويقال له: باب الرحمة، وقد جدد هذا الباب، وعدد شرافاته عشرون. السادس: طاقان ويعرف بباب مدرسة الشريف عجلان بن رميثة؛ لاتصاله بها، وقد جدد هذا الباب أيضا، وعدد شرافاته عشرون، ويقال له: باب بني (تيم)، وسماه صاحب النهاية باب العلافين، وفي زماننا يعرف بباب التكية؛ لأنه مقابل التكية المصرية. ذكره في تحصيل المرام. السابع: طاقان، ويعرف بباب أم هانئ، وقد جدد هذا الباب ببناء حسن لطيف، وأسلوب ظريف، وعدد شرافاته ثلاث عشرة شرافة. قال في تحصيل المرام: وهذا الباب مما يلي دور بني عبد شمس، وبني مخزوم، ويقال لهذا الباب: باب الملاعبة، ويقال له: باب الفرج، على ما وجد بخط الأقشهري، وسماه صاحب النهاية: باب أبي جهل. قلت: وفي زماننا يعرف بباب الشريف؛ لأنه كان يخرج منه الشريف سرور إلى بيته الذي بأجياد. انتهى. وبالجانب الغربي ثلاثة أبواب: الأول: طاقان، ويعرف بباب الحزورة، ولم يجدد في هذا الباب شيء أصلا لعمارته. قال في تحصيل المرام: وعامة أهل مكة يسمونه: باب العزورة بالعين المهملة؛ وإنما هو بالحاء المهملة وهو الذي يلي المنارة التي تلي أجياد الكبير، وفيه طاقان. ويقال له: باب حكيم بن حزام وبني الزبير ابن العوام، ذكره القرشي. قلت: وفي زماننا يعرف بباب الوداع؛ لأن الحجاج حين توجههم بعد الحج إلى بلادهم يخرجون من هذا الباب. انتهى. الثاني: طاق واحد كبير، يقال له: باب إبراهيم، ولم يجدد هذا الباب أيضا لعمارة (قصر فوقه)؛ لأن قصر الغوري مبني عليه. الثالث: طاق واحد، ويعرف بباب العمرة؛ لأن المعتمرين من التنعيم يدخلون ويخرجون منه في الغالب، وكان قديما يسمى: باب بني سهم، وقد جدد هذا الباب وعدد شرافاته (ثمان) شرافات. وبالجانب الشامي خمسة أبواب: الأول: طاق واحد، ويعرف بباب السدة، وكان يقال له: باب عمرو ابن العاص، وقد جدد هذا الباب أيضا، وعدد شرافاته ست شرافات. قال في الأرج المسكي: باب السدة المعروف في زمننا (يباب) ابن عتيق؛ لكونه قريبا من داره، ويسمى باب السدة؛ لكونه سد ثم فتح. انتهى. الثاني: طاق واحد، ويعرف بباب العجلة وبباب الباطسية، وقد جدد هذا الباب أيضا، وعدد شرافاته سبع. قال في تحصيل المرام: وسمي بباب الباسطية؛ وقد جدد هذا الباب أيضا، وعدد شرافاته سبع. قال في تحصيل المرام: وسمي بباب الباسطية؛ لاتصاله بمدرسة الخواجة عبدالباسط، وهي على يمين الخارج، أوقفها على الفقراء، وهي في غاية الإحكام والإتقان، ولها شبابيك تكشف الحرم، وجعل سبيلا بجانب المدرسة من الخارج، توفي عبدالباسط سنة ثمانمائة وإحدى وثمانين. انتهى. الثالث: طاق واحد بزيادة دار الندوة في ركنها الغربي، ولم يجدد هذا الباب أيضا. قال في التحصيل: الآن يعرف هذا الباب بباب القطبي. الرابع: باب الزيادة، وطيقانه ثلاث طاقات بالزيادة المذكورة بجانبها الشامي، وقد كان هذا الباب قديما طاقين إلى أن أمر الأمير قاسم بك المرحوم ببناء المدارس السلطانية، ففتح طاقا ثالثا، ثم هدمت الطاقات الثلاث عند بناء المسجد الحرام وأعيدت كما كانت، وعدد شرافاته اثنتان وعشرون شرافة. قال الأزرقي: هو باب دار بني شيبة بن عثمان يسلك منه إلى السويقة ذكره القرشي. الخامس: طاق واحد، ويعرف بباب الدريبة بالقرب من منارة باب السلام، وقد جدد هذا الباب الأمير قاسم بك المذكورة سابقا عند ابنائه للمدارس السليمانية. انتهى. قال في تحصيل المرام: وفي زماننا موجودة ببيان صغار آخر، فما علمت هل كانت قبل وإلا فتحت بعد؛ لأني (لم أر) من ذكرها من المؤرخين، وهي خمسة، فاثنان منها بين باب إبراهيم وباب العمرة، أحدها: يدخل إلى بيت السيد عقيل ويخرج منه إلى السوق الصغير، والثاني: يدخل منه إلى مدرسة الداودية، وله (13)، ويخرج إلى السوق الصغير، والثالث: باب الباسطية وباب العتيق يدخل منه إلى الزمامية ويخرج منه إلى الشارع. الرابع: في أحد المدارس الأربع السليمانية يدخل منه إلى المحكمة الشرعية، ويخرج منه إلى الشارع. أقول: قد ركب بين باب الحرم والمحكمة باب وأغلق مرة واحدة، فلا يمكن الدخول منه إلى المحكمة، وذلك في سنة ألف وثلاثمائة واثنتين وثلاثين. والخامس: في أحد المدارس السليمانية يدخل منه إلى بيت أحمد باشا ويخرج منه إلى الشارع، والباب الذي يخرج إلى الشارع فتح بعد الألف والمائتين والستين، وباب آخر يدخل منه إلى مدرسة قايتباي ويخرج إلى شارع المسعى، لكنه مغلق من جهة الحرم. وهذه الأبواب الستة تفتح على طاق واحد. انتهى. أقول: وقد ذكر هذه الأبواب كلها غير الباب الذي يدخل إلى بيت السيد عقيل العلامة محمد بن علي بن فضل بن عبدالله الطبري في أتحاف فضلاء الزمن بتاريخ ولاية بني الحسن بعدما ذكر الأبواب التسعة والعشرين وهذا نصه: قلت: وبين باب العمرة وباب إبراهيم باب لطيف طاق واحد يعرف بباب الداودية، وكان فتحه داود باشا لما بنى مدرسته ورباطه، وبين باب السدة وباب (الباسطية) باب لطيف طاق واحد، فتح في أيام المدرسة الزمامية، ويعرف بباب الزمامية، وللمدارس السلطانية بابان لطيفان نافذان على الحرم (حدثا) عند بناء المدارس المذكورة، كل واحد طاق واحد، يسمى الأول باب القاضي؛ لسكناه بتلك المدرسة، ويسمى الثاني باب السليمانية. وبين باب السلام وباب النبي باب لطيف طاق واحد يعرف بباب السلطان قايتباي، لأنه فتحه حين بنى مدرسته. انتهى.» قد تعرضت بعض هذه الأبواب للتغيير واستبدلت بها أسماء أخرى، وحذفت أسماء بعض الأبواب، وقد زاد عدد أبواب المسجد الحرام في التوسعات السعودية المتوالية، كان المشرفون على التوسعات السابقة أكثر حرصا على أسماء الأبواب ذات الدلالات التاريخية، الأمر الذي نفتقده في الوقت الحاضر.