الحديث عن تطوير التعليم مستمر وموصول وهو ليس جديدا. هناك الكثير من الأدبيات والكتابات والتأملات حول تطوير أو إصلاح التعليم في الصحف والمجلات والمنتديات الإلكترونية والمؤتمرات. أيضا تناولت أبحاث قام بها سعوديون وعرب وأجانب جوانب متعددة في التعليم العام وبقيت توصيات تلك الدراسات حبيسة الأدراج. لاشك أننا بحاجة إلى الاستمرار في إجراء المزيد من الأبحاث المعمقة لتطوير التعليم والتواصل مع الأمم المتقدمة للاستفادة مما لديهم. أتمنى على مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم إنشاء مركز للبحوث يرصد ويحلل الدراسات والكتابات النقدية التي تناولت التعليم في بلادنا خلال العقود الماضية والاستفادة منها للخروج بمشاريع ومبادرات متكاملة للارتقاء بالتعليم. من حق المجتمع على هذا المشروع الطموح أن ينشر نتائج الدراسات التطويرية للمتغيرات التعليمية والتقارير عبر موقع المشروع الإلكتروني لضمان قدر من التفاعل من المختصين والمهتمين. التعليم مسؤوليتنا جميعا فهو قضية مركزية في خطط التنمية ولابد من استمرار الحراك الجاد والمنظم من المؤسسات المعنية للوصول إلى ما نصبو إليه من تقدم علمي وتقني والتعليم هو المفتاح. وفي هذا السياق ننتظر الكثير من مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم الذي رصد له الكثير من الأموال والدعم المعنوي. من خلال تجربتي كطالب لمدة تزيد على عشرين عاما، يعتمد نجاح التعليم على وجود معلم مؤهل وقدوة ومتحفز لقيادة عملية تغيير في عقول طلابه وتوافر محتوى حديث ومركز ووجود الطالب المستعد للتعلم وبناء مناخ وثقافة تساعد هذه العناصر للتفاعل للخروج بنتائج مثمرة. نأمل أن تتفرغ وزارة التربية والتعليم للقضايا الفنية المتمثلة في التخطيط والإشراف على تصميم المناهج وعمليات استقطاب وتدريب المعلمين وتطوير عمليات التدريس والتعلم والتقييم وبناء شخصية متكاملة من خلال الأنشطة الرياضية والثقافية والاجتماعية. إن بناء المدارس وتوفير الأراضي ونقل الطلاب والطالبات ليس من اختصاص وزارات التربية في كثير من دول العالم المتقدم، بل هي مسؤولية جهات أخرى. من جانب آخر يجب العمل على تطوير نموذج الإدارة المدرسية وتوسيع صلاحيات المدارس وإعطائها مزيدا من الحرية وتقليص الدور المركزي الذي تلعبه إدارات التعليم والاستفادة من الأعداد الكبيرة من المشرفين التربويين في العملية الإدارية والتعليمية في المدارس وتدريب المعلمين الجدد. نحتاج إلى منظومة من الحلول الإبداعية وفق رؤية تطويرية متكاملة تمكن المتعلم من معرفة مبادئ الإسلام وإتقان اللغة العربية وأسس الرياضيات الحديثة وإتقان إحدى اللغات الحية. المؤشرات الأولية لنجاح التعليم يمكن أنٍ تكون حب الطلاب لمدارسهم وأساتذتهم وتخصصاتهم وجعل التعلم مهارة حياتية مستمرة من خلال القراءة والكتابة والاطلاع والاستفادة من انتشار وسائل الاتصال المتقدمة في أيدي الشباب والشابات واستخدامهم للتطبيقات المختلفة وأهمها شبكات التواصل الاجتماعي والعمل على دمجها في العملية التعليمية والتربوية. * أكاديمي وكاتب [email protected]