أوضح الخبير العربي العالمي الدكتور وليد خليل الزباري أن إشكالية المياه في الوطن العربي تكمن في ندرة المياه والإشكالات السياسية وكيفية إدارة الموارد المالية. وقال ل «عكاظ» إن مصبات الأنهار في الوطن العربي كنهري دجلة والفرات اللذين ينبعان من تركيا، ونهر النيل النابع من الحبشة، تكتنفهما الإشكالات السياسية في ظل عدم وجود قوانين تحمي دول المصب لهذه الأنهار، ولذا تستغل مشكلة المياه سياسيا، كما هو الحال في احتلال إسرائيل لعدد من منابع المياه المحاذية للجنوب اللبناني وللضفة الغربية، وفي غزة والجولان وحرمانها الدول العربية من هذه المياه.وأشار الزباري إلى أن معظم الدول العربية تقع ضمن النطاق الصحراوي، ولذا فإن مستوى المياه فيها متدن والتبخير فيها عالي النسبة، ولذا تعتمد على المياه الجوفية التي تعد من الإشكالات المتفاقمة في ظل الاطراد في الزيادة السكانية واستغلال تلك المياه في المشاريع الزراعية، رغم أن المياه كالنفط إذا نضبت لا تعود، حيث إن الطبقات الأرضية تمنع من تغذيتها عندما تسقط من الأمطار. وبين الدكتور الزباري عميد كلية الدراسات العليا وأستاذ الموارد المائية في جامعة الخليج العربي، أن كثيرا من الدول العربية لا تتعامل مع المياه كسلعة نادرة وهو التحدي الموجود، وقال: كثير من الشعوب العربية تنظر للمياه أنها حق من حقوقها، ويجب أن تتوفر لها دون أن يعيروا التحديات التي تحدق بالدول العربية من ندرة المياه، وأيضا الجهد الحكومي في إيصال هذه المياه إليهم، ولذا نجدهم يستخدمون المياه بشكل غير واع، سواء داخل المنازل أو المصانع أو المشاريع الزراعية وهذا الأمر يزيد من المشكلة.. علينا أن نتكيف مع الندرة. 600 لتر يوميا ولفت الدكتور الزباري إلى أن المواطن في الخليج العربي يستهلك ما بين 500 إلى 600 لتر من الماء يوميا في حمامات السباحة وفي سقيا الحدائق وخلافه، رغم أنه لا يحتاج إلا إلى 50 لترا في اليوم، وقال: لو استطعنا تقليص هذا الرقم لوفرنا الكثير من المياه، كما أن الزراعة أيضا تستهلك 85 % من مياه الخليج غير المتجددة، وعندما نوفر هذه الفائض فإننا وفرنا مياها للأجيال المقبلة، أما إذا كان المجتمع رافضا لذلك فهذه هي المشكلة. وزاد «أيضا المشكلة أننا مع التوفير نوفر طاقة تستهلكها محطات التحلية ونقلل من تلوث البحار الناتجة عن هذه المحطات، ونوفر مبالغ مالية نتيجة هذا الترشيد يمكن أن نسخرها في جوانب أخرى كالصحة والتعليم وغيرها». منطق القوة وشخص أستاذ الموارد المائية في جامعة الخليج الواقع، بالقول إن قضايا المياه يحكمها منطق القوة دون النظر إلى الحقوق والاتفاقيات الدولية، مضيفا: للأسف فإن الدول العربية وإلى الآن ليس لديها القوة لاقتطاع حقوقها من المياه، مدللا بوضع المياه في فلسطين والجولان القابع تحت الاحتلال، بالإضافة إلى الشريط الحدودي في جنوب لبنان، برغم أن القانون الدولي للأمم المتحدة معروف ويعطي بعض الدول العربية حقها في المياه، ولكن تطبيق القانون يخضع لمنطق القوة، فكثير من الدول لا تعير الاتفاقيات الأممية للمياه أي اهتمام بحكم أن هذه الاتفاقيات عملت في فترة الانتداب البريطاني، رغم أن القانون الدولي لا يعترف بهذا المنطق ويعتبر كل ما وقع سابقا يجب أن يطبق بغض النظر لمن كانت الإدارة في تلك الفترة. وعن الحل قال الزباري: إذا كان هناك حل فالحل أن تقوي الدول العربية نفسها ليكون لديها التأثير على صنع القرار الدولي في الأممالمتحدة ومحكمة العدل الدولية، وثانيا أن تتعاون مع الدول وتضمها إليها اقتصاديا وتتعاون معها مثل جنوب السودان، فالدول العربية مناطة بها الاستثمار في جنوب السودان بدلا من أن يجد جنوب السودان نفسه منفصلا عن المنظومة العربية فيلجا إلى دول غير صديقة للدول العربية. إشكاليات الدراسات وعن جودة الدراسات الأكاديمية وملامستها لقضايا المياه، قال: من الصعب التعميم على مستوى الوطن العربي، هناك بعض الدول تقوم بدراسات والبعض متأخرة، وأضاف «من الصعب أن تدار المياه بدون دراسات، ومن الأمور التي نعاني منها أن معظم الدراسات دراسات تشخيصية وبكل صدق الحلول قليلة وهذا الأمر يشترك فيه الباحث وجهات أخرى». وأفصح عميد كلية الدراسات العليا في جامعة الخليج العربي الدكتور وليد الزباري، أن هناك إشكالية وفجوة بين الباحث وصاحب القرار، فصاحب القرار لا يثق في الباحث والباحث يرى أن صاحب القرار ليس مهتما بكيفية إدارة المياه. وقال: المجتمعات العربية تحتاج إلى توعية بأهمية البحث، فالبحث وسيلة للتقدم لكن لدينا لا نعير البحث أي اهتمام فصاحب القرار لا يعتمد على البحوث في قراراته. التقنية غير مجدية وعن الحلول التقنية، قال الزباري: الحلول التقنية لا تعطي الاستدامة لكن الحلول الاجتماعية والاقتصادية هي التي تعطينا الاستدامة بمعنى كنشر الوعي بالمحافظة على المياه وترشيد الاستهلاك، وهذا جزء من الحل لكن التعامل مع الرشيد مع المياه هو الهدف المنشود. وعن رؤيته للمؤتمر الهندسي العربي السادس والعشرين حول الموارد المائية في الوطن العربي، قال: اختيار جيد للموضوع، والمحاور تلامس صلب المشكلة التي يعاني منها الوطن العربي، كما أن التوصيات كانت مميزة وأن المعرض المصاحب كان مميزا مكن المشاهدين والزائرين من الاطلاع على آخر التطورات في مجال التقنية والمياه، والورش التدريبية أيضا كانت مناسبة وقيمة.