أطل علينا العام الميلادي الجديد (2012) ومنا المتفائل ومنا المتشائم جداً بإطلالته، ولكن أكثر ما يهمنا كمواطنين هو الاستمرار في المحافظة على استقرارنا، سواء اقتصادياً أو سياسياً أو اجتماعيا. وخاصة أن العام السابق شهد العديد من الهزات السياسية والاقتصادية المخيفة في عدد من الدول العربية، والتي أثرت على استقرارها من جميع النواحي، وخاصة أنها جميعاً لم تتحرر بعد من الظلم والطواغيت المتجددة، ولا هي حافظت على استقرارها مما انتهى إلى زيادة معاناتها، وزيادة صعوبة الحياة فيها بسبب تدني النواحي الأمنية والاقتصادية، وما تعانيه حالياً من نفور سياحي وسياسي. ومما يؤكد على الرغبة في المحافظة على استقرارنا – الذي نحسد عليه من أغلب الدول الأخرى- ما أمر به قائدنا خادم الحرمين الشريفين حفظه الله من إجراء تعديل في الحكومة بتغيير وزاري حكيم شمل العديد من الأجهزة والمؤسسات الحكومية، وإننا نأمل من هؤلاء الوزراء الجدد – الذين تشتمل قائمتهم على بعض الأسماء ذات السمعة والجودة السابقتين ونرجو استمرار ذلك مستقبلا – و المحافظة على هذا الاستقرار المتميز والتمسك به، والذي لا يمكن أن يتحقق إلا بتوفيق الله. وإننا نرجوه – عز وجل بأن يكون هؤلاء الوزراء – الذين يمثلون قمة الأجهزة الحكومية الحساسة – مثالاً حياً وقدوة تُحتذى في الأمانة والإخلاص والحرص على تنمية وازدهار هذا الوطن المعطاء والتجرد من المصالح الشخصية والمنفعة الخاصة. بالإضافة إلى التمشي مع رغبة القيادة المخلصة لتنفيذ جميع البرامج والمشاريع المخطط لها في مواعيدها المحددة، ومتابعة ذلك شخصياً بكل دقة وحرص (لم ألاحظ إلا نادراً جدا التزام معظم المشاريع وخاصة في جدة بمواعيد إنهائها، بل تتجاوز ذلك بفترات طويلة لأكثر من سنوات). إن ما وجه به خادم الحرمين الشريفين مؤخراً باستحداث جهاز جديد في الديوان الملكي تكون مهمته التأكد من تنفيذ كافة الأوامر والقرارات الصادرة من مجلس الوزراء بكل دقة ومتابعة مستمرة... إلا نموذج على ما يجب أن يقوم به الوزراء من استحداث كافة الأجهزة (سواء الإلكترونية أو البشرية) لمتابعة تنفيذ جميع المشاريع الخاصة بكل وزارة والقضاء على جميع مسببات الإهمال وسوء التنفيذ، وإيقاع أقصى الجزاءات الرادعة على المتلاعبين، وباذري الإهمال. إن آمال المواطنين المخلصين تتجاوز أكثر من الحرص على تنفيذ المشروعات والبرامج التنموية في مواعيدها المقررة – كما يحصل ذلك بكل دقة وأمانة في معظم دول العالم الأخرى – إلى أن يحرص وزراؤنا الأشاوس على الحفاظ ورفع اقتصادنا الوطني وقوتنا الشرائية وريالنا السعودي العزيز إلى أعلى المستويات وتجنيبها بقدر الإمكان مخاطر التضخم وجشع التجار وارتفاع الأسعار بدون مبرر، والحرص التام على القضاء على منافذ الفساد وغياب الضمير (وذلك ما نؤمله أيضاً من هيئة مكافحة الفساد التي ننتظر منها الكثير لتحقيق أهدافها ونشاطاتها المرجوة. إننا نرجو – وليس ذلك على الله ببعيد – من وزرائنا أن يستفيدوا من خبرتهم – وخاصة الجدد منهم – ومواقعهم السابقة في القيام بجميع نشاطاتهم ومسؤولياتهم – أمام الله عز وجل ثم ولي الأمر – لتحقيق تطلعات المواطن لما يعود على رفعة الوطن ونمائه، كما يعز علينا جميعاً ما نشاهده من تراخ وفساد مستشر في معظم الأجهزة الحكومية لا يستحق وطننا الغالي إلا عكس ذلك تماماً. وقد تفاءلنا جميعاً بالأرقام الفلكية في الموازنة الحكومية الجديدة – وليس مصطلح الميزانية كما ورد ذلك في بعض المقالات و الصحف – والتي نأمل بأن ينعكس على رفاهية المواطن وارتفاع مستوى ونوعية الجودة في الخدمات المقدمة، وتسريع تنفيذ المشاريع والبرامج التنموية، وليس فقط على زيادة نسبة التضخم وما يتبعه من آثار سيئة مصاحبة لذلك وأن يلتزم وزراؤنا الأعزاء باستغلال هذه الزيادات الإيجابية في الموازنة لحماية المواطن من الفقر والغلاء الجشع في أسعار المواد (وخاصة الغذائية و الاستهلاكية) مع العمل على توفير المسكن اللائق، وزيادة الرواتب والدخول للمواطنين (وخاصة المتقاعدين) بما يتناسب مع الارتفاعات الكبيرة في أسعار البترول.... حتى نعود من جديد إلى نغمة التفاؤل والفرحة عند سماعنا بالأرقام المتصاعدة في الموازنة، وعند سماعنا كذلك عن أي تغيير أو تعديل في الوزارة. * أكاديمي ومستشار مالي واقتصادي. [email protected]