دراسة إحصائية لتقييم الاستثمار في المملكة صدرت عن الأمانة العامة لمنتدى الرياض الاقتصادي .. وقدمت ضمن فعاليات المنتدى المنتهي في جلسة ترأسها سمو الأمير سعود بن عبدالله آل ثنيان رئيس الهيئة الملكية للجبيل وينبع. الدراسة تضمنت نتائج خطيرة صاعقة .. حيث ذكرت ان 68% من المستثمرين يلجأون لأساليب غير نظامية لتسهيل أعمالهم .. تشمل الرشوة والواسطة والتحايل .. و 64 % من المستثمرين يرون أن أسلوب تعامل موظفي الدولة يعد عائقا استثماريا، و 62 % يرون في بيروقراطية الأجهزة الحكومية عائقا استثماريا، و 65 % من المستثمرين يرون في المرافق العامة عائقا استثماريا، و 65 % يتذمرون من القضاء التجاري. الهيئة العامة للاستثمار من جهتها أصدرت بيانا قالت فيه إن المعلومات التي تضمنتها الدراسة غير دقيقة ومغالطة للحقيقة .. وذكرت بأن الدراسة أوصت بتمكين رجال الأعمال من مراجعة جهاز الهيئة لإنهاء كافة إجراءاتهم الحكومية .. وذلك يناقض النتائج التي أشارت إليها الدراسة .. مشيرة إلى إن الدراسة استطلعت آراء 425 رجل أعمال فقط وهو ما يمثل أقل من 1 % من رجال الأعمال في المملكة وبالتالي فإن الدراسة غير دقيقة. ومع تقديري لجهود الهيئة في تطوير مناخ الاستثمار بالمملكة.. إلا أن 425 رجل أعمال يظل رقما ليس سهلا .. ولا يمنع ذلك من إجراء المزيد من الدراسات .. ولكن حتى ولو خفضت النتائج التي خرجت بها الدراسة إلى النصف تظل نسبا عالية .. ونحن نعلم أن نحو 80 % من ال 900 ألف شركة ومؤسسة التي أشار إليها بيان الهيئة هي منشآت صغيرة. ولعل مما يعزز نتائج هذه الدراسة أن تقرير منظمة الشفافية العالمية وضع المملكة في المرتبة ال (50) عالميا .. كما يعززها ارتفاع قضايا الفساد المضبوطة إلى ضعفين خلال 4 سنوات. جميع هذه المعايير تشير إلى خطورة الوضع الذي يستوجب تحركا فاعلا من قبل الهيئة العامة لمكافحة الفساد والأجهزة المعنية الأخرى كهيئة الرقابة والتحقيق وديوان المراقبة العامة. كما يتطلب الأمر الإسراع إلى تفعيل الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد التي صدرت بقرار مجلس الوزراء في عام 1428ه. الجانب الآخر المهم الذي جاء في الدراسة هو بيروقراطية الأجهزة الحكومية والتي رأى 62 % من المستثمرين أنها تعد عائقا استثماريا .. ويرى غالبية المتعاملين مع هذه الأجهزة أنها غارقة في الروتين ومعطلة لمصالح الناس .. وبالتالي فإن هذه الأنظمة والأجهزة بحاجة إلى انتفاضة تطويرية وإلى هيكلة تتواكب مع المتغيرات المستجدة. كذلك فإن أسلوب تعامل موظفي الإدارات الحكومية يحتاج وبالضرورة إلى تحسين وتطوير .. أشار 64 % من المستثمرين إلى أن تعامل هؤلاء الموظفين يعد عائقا استثماريا .. وربما غالبية المراجعين للأجهزة الحكومية الخدمية يرون ذلك .. والأمر يقتضي تطوير مهارات التواصل لدى موظفي الإدارات الحكومية وتزويدهم بأصول ما يعرف بأخلاقيات العمل. علينا إذن أن لا نبالغ في ردة الفعل النافية لمعطيات الدراسة فبعض نتائجها يلمسه المواطن العادي .. ولتكن هذه الدراسة منطلقا دافعا للمزيد من المبادرات العاجلة والخلاقة للتصدي لآفة الفساد.