اطلعت على المقال المنشور بجريدة عكاظ يوم السبت 6/2/1433ه للدكتور سلمان بن فهد العودة، بعنوان (أقدار الحسنة والسيئة) وقد تضمن عبارة قد يفهم منها معنى يخدش في التوحيد ولم يعقب عليها الدكتور باستنكار ولا توجيه مع مسيس الحاجة إلى ذلك، ورأيت من الواجب الكتابة فيها بيانا للحق ونصحا للمسلمين، وأسوق عبارة الدكتور وهي قوله: (كان مسافرا للعمرة، ومر على جاره يسأله: هل من وصية من المدينة النبوية؟ خرج الجار يشيعه إلى الباب المتهالك بحفاوة، وهمس في أذنه أن سلم لي على رسول الله، وأخبره بما رأيت من حال منزلي، ورثاثة أثاثي، وفقري.. وقل له يدعو لي حين آب الرجل من سفره بادره بالسؤال عما جرى، فقال له: قد استحييت أن أحدثه بشيء من وصيتك لأني وجدت بيتك أحسن حالا من حجراته، وقد صبر فيها على شظف العيش حتى لقي ربه وما شبع من خبز الشعير). وهذا الكلام إن كان يقصد به طلب الدعاء بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم كما هو ظاهر منه؛ فإنه أمر منكر قد جاءت الشريعة بتحريمه والحكم عليه بأنه من الشرك، كما قال تعالى: (وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا) وقال تعالى (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين) وقال سبحانه (ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير). فبين سبحانه وتعالى أن جميع من يدعى من دونه لا يسمعون دعاء من دعاهم أو ناداهم، وأنه على تقدير سماعهم لهم فإنهم لا يستجيبون لهم لأنهم عاجزون عن تقديم النفع لأنفسهم فضلا عن غيرهم، وبين جل وعلا أن من يدعون من دون الله يتبرؤون يوم القيامة من الداعين ويكفرون بدعائهم الذي سماه الله تعالى شركا، وهذا من أصرح الأدلة على أن من دعا غير الله من الأموات أو الغائبين أو استغاث بهم أو طلب منهم الدعاء أو الشفاعة فهو مشرك. وبهذا جاءت السنة المطهرة ففي الحديث الصحيح المشهور المتضمن وصية النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس (احفظ الله يحفظك. إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله...) وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد). وتقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: يحذر ما صنعوا ولولا ذلك لأبرز قبره ولكن خشي أن يتخذ مسجدا. وقال صلى الله عليه وسلم (إنه لا يستغاث بي وإنما يستغاث بالله) حديث حسن وله شواهد، وقال صلى الله عليه وسلم: (الدعاء هو العبادة) والأدلة في هذا كثيرة ومتواترة تواترا معنويا تؤكد على وجوب إخلاص العبادة لله تعالى وإفراده وحده سبحانه بالدعاء. فلا يجوز للمسلم أن يقول لآخر إذا أتيت قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقل له يدعو لي أو اطلب منه أن يشفع لي أو غير ذلك لأنه لجوء إلى غير الله تعالى، وهذه عبادة والعبادة هي حق الله على العباد فلا يدعى غير الله ولا يستغاث بغيره، وقد أمر الله تعالى نبيه أن يقول (قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون). د. فهد بن سليمان بن إبراهيم الفهيد - الأستاذ المشارك بقسم العقيدة بكلية أصول الدين بالرياض