بسيط جدا، أثاثه لم يستبدل منذ أكثر من عامين على أقل تقدير، مكتب واحد ينتصب أمام طاولة مستطيلة يقلب عليها الأمير خالد الفيصل عند الساعة الثامنة صباحا معاملات المواطنين وملفات التطوير التي تشغل حيزا كبيرا من وقته وجهده، بعيدا عن الاهتمام بالشكليات أو الأبهة التي لا تزيد أمثاله قيمة وشرفا على قيمته وتميز مبادراته. أمام الطاولة مقعدان، وفي صدرها مباشرة يبدو مقعد الأمير ذو اللون الأسود، عن يساره أربعة هواتف يتواصل من خلالها مع من يريد لإنهاء معاملات المواطنين، وعن يمينه منضدة ترتفع عن الأرض نحو 70 سنتيمترا، عليها صورة تجمع الأمير خالد الفيصل بولي العهد الراحل الأمير سلطان بن عبدالعزيز، وهي صورة معبرة يبدو أنها تمثل لأمير منطقة مكةالمكرمة قيمة كبيرة تتساوى بالمساحة التي يفترشها الأمير سلطان بن عبدالعزيز في قلوب الشعب السعودي. يعلو مكتب الأمير ذو اللون الخشبي «ماجنو» صورة للملك عبدالعزيز وخادم الحرمين الشريفين وولي العهد، بدت طاولة الأمير خالية إلا من أقلام متنوعة، فهمت من العاملين في المكتب أن الأمير ينجز المعاملات في ساعات مبكرة تماما من يوم عمله. في مكتب الاستقبال الذي لا يفصله عن مكتب أمير منطقة مكةالمكرمة سوى أمتار قليلة جدا، يقطع هدوء المكان أجهزة «شنيور» تخرم سقفا، وعامل يدك جدارا، بفعل هذه الأصوات لا تستطيع سماع صوت من حولك، هذا الصوت تسمعه بوضوح وأنت في داخل مكتب الأمير، سألت أحد موظفي المكتب لماذا كل هذه الأصوات؟ قال: كل هذا من أجل جدة، وهذا الذي تسمع هو مركز إدارة الكوارث سيكون هنا بالقرب من مكتب الأمير، عندها أدركت أن المشاريع الكثيرة التي تعيشها جدة في كل مفاصلها وتشكل منغصا مؤقتا للسكان حتى اكتمالها، يوازيها عمل إنشائي آخر داخل مبنى الإمارة يضاعف جهد فريق عمل الإمارة وفي مقدمتهم الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز. في زوايا المكتب الثلاث، قباب من الرخام، معلق فيها إنارات ذات لون أصفر، في أرضية القبة لوحة أو خريطة أو حوض مزروع فيه بعض من الشجيرات، يعلو سقف المكتب الذي لا تتجاوز مساحته 40 مترا أبجورة بسيطة قطرها متر ونصف تتدلى بروعة لتشع لونها الأصفر في كل مكان، وعلى حوائط المكتب من جانبين تتدلى أربع ستائر طويلة ذات لون أخضر يسر الناظرين. سجادة واحدة بطول لا بأس به، هي كل ما في المكتب الذي يكسوه الرخام، هذه السجادة تجمع بين البساطة والأناقة، يتقاسم لونها البيج والبني، تحيط بها عشرات الكراسي، وفي أقصاها على قرب مكتب الأمير مقعد خلفه علم المملكة العربية السعودية، في هذا المكان يلتقي الأمير ضيوفه الرسميين، عن يسار العلم تتقاطر كراسي كساها اللون الأخضر الفاتح. لم يكن في المكتب جهاز للتلفزيون ويبدو أن لا وقت لدى الأمير لمتابعته، أحصيت وأنا أتجول ببصري في أركان المكتب نحو 13 خريطة ولوحة، جميعها تخص المنطقة مخططات، رسوم، صور جوية، رسم مستقبلي لشاطئ جدة، وفي الجدار الأيمن لمكتب الأمير نصبت لوحة كبيرة من القماش الأسود كتب عليها آية قرانية «الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج». كل هذا المكان المتشح بالأناقة والبساطة في آن، تعلوه إرادة فولاذية لأمير لا يؤمن بالمستحيل، يواصل ليله بنهاره من أجل أن تصبح مكةالمكرمةوجدة والطائف وكل مدينة وقرية في المنطقة رائعة الجمال، كما وعد نفسه وصدق معها ومعنا، وما زال يعمل في هذا الاتجاه بجهود مضنية، واصل أمير منطقة مكةالمكرمة يوم عمله أمس بلقاءات متعددة مع أكثر من جهة وأكثر من فئة وأكثر من هم محلي لمنطقة واعدة بالمستقبل الأجمل.