ما يميز دول العالم الأول أنه بالإضافة لجودة صناعته، فإن كل ما تستورده من أجهزة ومعدات وبضائع لا يقل جودة ومتانة عن ما تصنعه هذه الدول المتقدمة. لذا لا نستغرب عندما نرى الأخوة الذين يقضون إجازتهم الصيفية في العالم الأول يعودون محملين بالكثير من احتياجاتهم ابتداء من ألعاب الأطفال إلى الملابس والأحذية، وكذلك الأدوية والعلاجات وغيرها بل وحتى الأجهزة الكهربائية، خاصة مما خف وزنه وله أهميته لهم. وقد تجد أن بعض ما يتم جلبه وتحمل مشقة حمله غير مصنع في بلاد الغرب ذات الجودة العالية بل هي نفس البضاعة المعروضة في بلدنا ونفس البلد المصنع. قد يستغرب البعض لماذا المجلوب من هناك جيد وما لدينا غير ذلك. وسنجد الإجابات في سياق موضوعنا هذا. كل منا له معاناته من سوء جودة البضائع المستوردة والموجودة في أسواقنا؛ فهذا اشترى لعبة لطفله ليجدها اليوم الثاني لا تعمل. وذاك اشترى ملابس ووجدها شمرت كما يقولون أو تنسل نسيجها أو تغير لونها بعد أول غسله، وآخر اشترى شنطة مدرسة لطفله ليجدها نهاية الأسبوع قد تمزقت، ورابع اشترى قطعة أثاث ليجدها نهاية الشهر محطمة، والأخطر أن الخامس اشترى جهازا كهربائيا ليجده نهاية الشهر لا يعمل، والأدهى أن السادس ذهب لشراء قطع غيار لمكابح سيارته ليفاجأ بأن البائع يخيره ما إذا كان يريد قطع غيار أصلية أو مقلدة، بينما السابع والثامن .... إلخ. تذكرت لقاء جمعني بصاحب مصنع صيني للأجهزة الكهربائية في منزل صديق مشترك خارج المملكة قبل سنوات وكان جل نقاشنا عن رداءة المصنوعات الموردة لنا من قبلهم، وكان رده لماذا تلوموننا لوموا أنفسكم لماذا تستوردون منا النوع الرديء من مصنوعاتنا وكان ممكنا أن تحصلوا على الأجود.. وأكمل أنا صاحب مصنع وأعرف كيف يتم التفاوض بين تجاركم والمصانع لدينا، فالتاجر لديكم يأتي ومعه عدة أجهزة ذات جودة عالية، ويطلب تصنيع أجهزة مماثلة، تتم دراسة الطلبية من قبلنا ونجتمع بهم مرة أخرى لإبلاغهم بتكلفة التصنيع لأجهزة مكافئة وليست مماثلة فقط، فيستكثر تجاركم القيمة ويقولون إن هذه الأسعار قريبة من قيمة تلك الأجهزة الأصلية وإنهم لن يجدوا لها زبونا في بلدانهم وبعد أخذ ورد نسألهم بكم تريدون السعر وفي العادة يطرحون أسعارا تقل عن ربع السعر فنقول لهم يمكننا تصنيعها بالسعر المقترح ولكن لن تكون جودتها بنفس جودة الأجهزة المقدمة من قبلهم فيوافقون ويتم التصنيع وإرسالها لبلدكم وتدخل سلاما بسلام لتكون بين أيديكم تشترونها لتستعملوها بعضة أشهر وتتعطل وترمى ويتكرر نفس السيناريو، فسألته لماذا تقبلون على أنفسكم كبلد مصنع إنتاج هكذا أجهزة أو مصنوعات رخيصة، فأجابني بسؤال وكيف وافق تجاركم وارتضت ضمائرهم أن يطلبوا هذه الأجهزة الرديئة وقد تم إبلاغهم بسوءتها من قبل مصانعنا، وأكمل هل تعرفون أننا نصنع أجهزة ذات جودة ومواصفات عالية وعمر افتراضي مديد ونصدرها لمعظم دول العالم الأول، فسألت لماذا لنا السيئ ولهم الجيد، فقال لأن تلك الدول لديها مواصفات ومقاييس ولن تسمح بدخول بلدانها أي منتج مخالف لتلك المواصفات. هنا مربط الفرس والغرض من هذا الموضوع يجب أن تكون لدينا مواصفات قياسية متكاملة، لكل ما يمكن أن يدخل بلدنا، كما يجب تجهيز منفذنا البحرية والبرية والجوية بالتجهيزات الفنية كتلك الموجودة لدى العالم الأول لحماية المستهلك. واقترح في حالة عدم اكتمال مواصفاتنا أو عدم جاهزية منافذنا، أن تتم الاستعانة بما لديهم في الدول المتقدمة من مواصفات وتجهيزات والتعاقد معهم لمدة خمس سنوات مثلا نقوم بعدها وبأنفسنا بعد اكتسابنا للخبرة اللازمة بمراقبة دخول تلك البضائع والأجهزة غير الجيدة وحماية المجتمع منها، أما انتظار اكتمال مواصفاتنا ومن ثم تطبيقها وتنقيحها وبعدها سنرى كيف نطبقها على المنافذ فهذا يحتاج سنوات طويلة من الهدر لموارد الوطن والمواطن. والمحزن أننا نسمع أن الجهات المكلفة بالمواصفات تعترف أن أسواقنا متشبعة بالمنتجات غير المطابقة للمواصفات وأنها تبحث مع وزارة التجارة وغيرها للقيام بجولات ميدانية سرية للأسواق في المدن الرئيسة لسحب المنتجات الرديئة. أيها الأخوة منع دخولها من المنافذ فيه سد للباب الذي يأتينا منه الريح ... لنستريح. *مهندس استشاري [email protected]