لم يكن يعرف الكثيرون أن قناة أفريقية تشكل تأثيرا كبيرا في العالم كله بما فيه العالم الإسلامي والغربي، فالقناة التي أسسها مواطن مالي منذ ثماني سنوات وبدأت البث من فرنسا إلى قارة أوروبا بمفردها تمكنت مؤخرا من البث عن طريق القمر الصناعي لتنتقل إلى العاصمة المالية باماكوا وتشمل العالم كله، وتكون مقصد كثير من شباب العالم بمختلف دياناتهم وتوجهاتهم، خصوصا الجالية الأفريقية في دول العالم كله. تبث قناة (أفريكابل) برامج متنوعة وأكثر ما يميزها النشرة الإخبارية الرئيسية المباشرة وتبث لثلاث مرات يوميا وتحظى باهتمام الأفارقة في أكثر من 15 دولة منها مالي، السنغال، بوركينا فاسو، غينيا كوناكري، كوت ديفوار، توجو، بنين، الكاميرون، الكونغو، الغابون، المغرب وغيرها، لكن الذي يميز هذه القناة أكثر برنامج إسلامي يبث بعد صلاة الجمعة، فقد ذاع صيته وانتشر بين الأرجاء الواسعة في العالم كله ونال اهتمام شرائح عديدة في تلك المجتمعات، خاصة الشباب منهم. «عكاظ» التقت مقدم البرنامج الإعلامي حبيب كان الذي زار المملكة مؤخرا، وقال إن هذه البرامج تستهدف عامة الناس لأنها تهدف إلى إعطاء صورة حقيقية عن الإسلام للمسلمين وغيرهم كي يفهموا الدين على حقيقته، مشيرا إلى أن برامج القناة تستهدف عامة الناس وخصوصا الجالية الأفريقية الناطقة بالفرنسية؛ لأنها تبث بهذه اللغة مباشرة أو بالترجمة. وعن تأثير القناة في الشباب بشكل عام في تلك الدول أفاد بأنها تستقبل ردود أفعال إيجابية من المشاهدين، لافتا إلى أن أبرز شاهد على ذلك الاتصالات المباشرة التي تستقبلها القناة صباح الجمعة من كل أرجاء العالم ومن تلك الدول المملكة العربية السعودية، مصر، الإمارات، روسيا، فرنسا، إيطاليا، بريطانيا، هولندا، إسبانيا، أنغولا، الغابون، كونغو، بوركينافاسو، السنغال، غينيا وغيرها. ولفت كان إلى أن كثيرا من الشباب بدأوا يتعرفون إلى الدين الإسلامي، مرجعا ذلك إلى طريقة تقديم البرنامج، موضحا أن كثيرا من غير المسلمين اعتنقوا الدين الإسلامي عن طريق البرنامج ومن تلك الدول بوركينا فاسو، انغولا، الكونغو، وغيرها، إذ يتصلون ويطلبون مزيدا من المعلومات حول الدين الإسلامي والكتب الدينية التي تزيد معرفتهم بالإسلام ويضيف: استقبل ما لا يقل عن 30 أو 40 مكالمة يوميا من الشباب المسلم الذين عرفوا عن الإسلام عن طريق البرنامج ذاته وبدأوا يلتزمون بالصلوات في أوقاتهم ويجتنبون المحرمات، كما أدركوا بأن الإسلام دين يهتم بالشبان ولا يقتصر على الشيوخ فحسب، كما أن البرنامج يتلقى مكالمات من غير المسلمين الذين يبدون إعجابهم بالبرنامج ويستفسرون عن تعاليم الإسلام. لكن كان يلفت إلى أن كل هذه الآثار التي يحدثها البرنامج إلا أنها تواجه مشاكل عديدة، مرجعا ذلك إلى قلة الوعي الإسلامي لدى بعض مسؤولي القناة، لأن «بعضهم يرى أن الوقت المتاح للبرنامج كثير عطفا على قلة عوائده المادية». ويضيف «إمكانيات القناة محدودة، ما يجعل القناة تعطي الأولوية دائما للبرامج الممولة حتى في التسجيل أحيانا نحتاج الأستديو الوحيد للقناة، إلا أن البرامج الترفيهية الممولة ماديا تسبقنا إليها وقد نخسر ضيفنا من العلماء الأجلاء». ويوضح أن من المشكلات التي تواجهها القناة أمام أداء رسالتها وجود صعوبة في التواصل مع ضيوف البرنامج الذين يأتون من دول أخرى خارج مالي؛ لأن دعوتهم للمشاركة تحتاج إلى إمكانيات لا تستطيع القناة توفيرها، مضيفا «نحن دائما ننتظر فرصة زيارة خاصة لأحد العلماء كي نسجل معه برنامج البث باللغة الفرنسية، لكن هذا يجعل المجال ضيقا أمام كثير من علماء مالي، ما يضطرنا للجوء إلى علماء خارج مالي يتحدثون باللغة الفرنسية». ويبين مكمن الخوف هنا في خضم العمل الإعلامي الدعوي بوجود مخاطر أشد تواجه القناة وتمثل عائقا رئيسا أمام أداء رسالتها، حيث إن البرامج التي تتبنى نشر الديانة النصرانية لديها إمكانيات مادية طائلة وأن من يدعمونها مستعدون لدفع أي مبلغ تحتاجه تلك البرامج؛ فالقناة متنوعة وتجارية وليست إسلامية. وزاد «هناك صعوبة بالنسبة للبرامج الإسلامية التي ليست مدعومة من قبل أي طرف، رغم أنها من أفضل البرامج التي تقدمها القناة، فالتجار والساسة يفضلون الدعاية في البرامج الترفيهية، فضلا عن أن كثيرا من المواد الإعلامية لا يليق عرضها مع البرامج الإسلامية». وخلص الإعلامي كان إلى القول: «إن البرامج التي لا تستقطب المستثمرين والدعايات والفوائد المادية تتوقف مع الزمن، إلا أننا استطعنا بفضل الله ثم بالجهود الخاصة التي يبذلها بعض المخلصين الحفاظ على البرامج الإسلامية حتى الآن، لكنها تظل مهددة ما دمنا لم نحصل على مصادر للتمويل». يشار إلى أن المذيع حبيب كان يقدم برامج دينية يومية في شهر رمضان قبيل الإفطار لمدة عشر دقائق، وفي سائر العام يقدم برنامجه الأسبوعي (فهم الإسلام) ويستقبل فيه عددا من علماء العالم الإسلامي متعددي الجنسيات للنقاش حول عدد من الموضوعات الخاصة بالقضايا الإسلامية لمدة نصف ساعة، فضلا عن برنامج (موعد الجمعة) الذي يبث خطبة الجمعة من الحرم المكي ويستقبل بعدها أسئلة المشاهدين حول عدد من القضايا المهمة بعد أن يلخص أبرز ما جاء في خطبة الحرم باللغة الفرنسية.