ميزانية الخير لهذا العام تخطت حاجز «التريليون» في جانب الإيرادات المتوقعة بمشيئة الله.. وهذا الرقم الهائل يستحق وقفة تأمل لأنه من الأعداد المذهلة. عند كتابته تذهلك أصفاره الكثيرة. هي درزن أصفار مرصوصة وكأنها «كتيبة» رقمية مستعدة لتلبية احتياجات كثيرة جدا. حتى شكل الرقم يوحي لنا بجديته ومتانته. ولكن لا تقيم مقدار العدد بأصفاره، فلك أن تتخيل أنك لو وضعت حبات عدس «أبي جُبه» متلاصقة مع بعضها البعض، وبدأت أمام البنك الأهلي في وسط جدة، فستكفي تريليون حبة للوصول الى جنيف، ثم شمالا الى هولندا، ثم غربا الى نيويورك، ثم غربا الى لوس أنجلوس، ثم جزر هاواي، ثم غربا الى طوكيو، ثم مومباي، ثم دبي، ثم الرياض، ثم عودة الى وسط البلد في جدة من حيث بدأت. ولهواة الحسابات، فالعدس الذي استخدمته في تقديري يعادل قطره حوالى خمسة مليمترات فقط. ولكن المفاجأة الأكبر هي أن الحبات المتبقية لديك ستكفي لتكرار اللفة حول الكرة الأرضية.. لأكثر من مائة لفة. بصراحة، كمعظم البشر، لم أتخيل أنني سأتعامل مع التريليونات بأي حال من الأحوال، ولكن اليوم وفي عصر تسارع تطوير الحواسيب الجبارة، اصبحنا نتعامل بوحدات رقمية غريبة، كنا نتعامل مع «الكيلو بايت» لقياس الآلاف، ثم جاءت «الميجا بايت» لقياس الملايين، ثم «الجيجا بايت» لتقيس البلايين، والآن جاءت «التيرا بايت» لتقيس التريليونات. وهذه حقبة تاريخية فكرية جديدة لأن الأرقام لا تقاس عادة بهذه المقادير المذهلة. ولو بحثت في تاريخ الأعداد منذ عصر الحضارة اليونانية التي ترعرعت فيها قواعد رياضية كثيرة، ستجد أن أكبر الأرقام آنذاك كان رقم «الميرياد» Myriad. وكان الحد الفكري لأكبر الوحدات «الضخمة جدا». ويساوي الرقم عشرة آلاف فقط. ما يعادل بالريالات سعر «ونيت هايلكس» غمارة واحدة موديل 92 بسعر اليوم. وعدم وجود قاعدة تخيل واضحة ومتفق عليها عالميا للأرقام العملاقة أدى إلى «خبيصة» فكرية بدأت بالبليون. وتحديدا فبعض الدول يسمون البليون «أبو تسعة أصفار على اليمين» مليارا، ويسمون التريليون «أبو درزن أصفار على اليمين» بليونا. وعلى سبيل المثال ستجد هذه المسميات في سويسرا، وهولندا، والدنمارك، وإيطاليا، ولكسمبورج، وبلجيكا، وإسبانيا، وبولندا، والسويد.. على مسيرة «العدس أبو جبه»، وغيرها من الدول. وهناك مجموعات أكبر من الدول الذين يطلقون اسم البليون على «صاحب التسعة أصفار» والتريليون على «ذي درزن الأصفار» ومنها الوطن أولا، ثم الولاياتالمتحدة، والمملكة المتحدة، وأستراليا، وماليزيا، والفلبين وغيرها. والسؤال هنا وهو: وما بعد ذلك من أرقام كبيرة؟ سنجد «الكوادريليون» (خمسة عشر صفرا على اليمين).. ثم «الكوينتيليون» (ثمانية عشر صفرا) ثم «السكستيليون» (واحد وعشرون صفرا) والسبستيليون (درزنان من الأصفار).. وهكذا الى أن ينتهي مسلسل المسميات على وزن «المليون» عند «السنتليون» (ثلاثمائة وثلاثة أصفار على اليمين) وبعدها يأتي «الجوجول» وهو عشرة مرفوعة الى أس مائة.. شغل ثقيل جدا، وبصراحة هو أيضا وجع رأس، ولذا فسأتوقف وأترك لكم الطرفة التالية: كل تاريخ البشرية المدون لم يمر عليه تريليون ثانية فهي تعادل حوالى 32 ألف سنة. أمنية تأمل في نعم الله على وطننا التي تنعكس في أمور كثيرة، ومنها الدخل الوطني الذي متوقع أن يزيد على التريليون. والحمد لله أولا وأخيرا على كل هذا. أتمنى أن نتذكر أن أهم نعم الله علينا تفوق تريليونات العالم، فهي نعمة الحرمين الشريفين. والله من وراء القصد. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 122 مسافة ثم الرسالة