أوصى إماما وخطيبا الحرمين الشريفين في مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة المسلمين بالعمل بكلمة التوحيد «لا إله إلا الله»، وحسن المعايشة وأداء الحقوق وتحقيق العدل والإنصاف في المعاملة، وتوقير الناس وتقديرهم والتماس الحجج والمعاذير لهم، لاسيما مع الأهل والقرابة. وخاطب إمام المسجد الحرام الدكتور عبدالرحمن السديس في خطبة الجمعة أمس المصلين «أيها المسلمون: في عصرنا الراهن المدلهم بالمتقلبات الفكرية، والتحديات السياسية والمجتمعية، والمؤثرات الثقافية، ومع قدوم عام هجري مبارك جديد لا يكتمل استشراف المستقبل ورسم آفاقه، إلا في ضوء نعمة جليلة هي كلمة التوحيد»، وأضاف «ولئن كان هذا أمرا متفقا عليه عند أهل القبلة تقريرا، وسطرته أقلامهم تحريرا، وتأصل في قلوبهم استشعارا وتذكيرا. فإن فئاما من بني الإسلام قد رضوا باللقب، واكتفوا بالاسم، وقنعوا بالوصف، وغفلوا عن المضمون في الجملة، فتبلدت منهم الحواس، وجفت المشاعر، وأجدبت القلوب إلا من رحم الله. ولهذا مهما بلغ من حرم هذا الشرف العظيم في هذه الحياة الدنيا من مراتب، ومهما أوتي من جاه ومال وجمال، ومن قوة، وذكاء، ودهاء، إلا أن أمنيته يوم القيامة هي يا ليتني كنت ترابا؟»، وأكد أن نعمة «لا إله إلا الله» لا تقدر بثمن، وقال: «المسلم ينفرد بنعمة الإسلام، بنعمة «لا إله إلا الله»، فهي نعمة تستوجب منا أن نمرغ وجوهنا، وجباهنا، وأنوفنا، شكرا لله رب العالمين»، مبينا «كلمة التوحيد ليست مجرد لفظة تقال، أو عبارة تردد على الألسن، ولكن هي بمثابة الدم للبدن، والهواء للأحياء، والماء للنبات». ودعا الدكتور عبدالرحمن السديس «مع ما لكلمة التوحيد من مكانة عظيمة، فإن الحفاظ عليها وتحقيق شروطها ومقتضياتها لاسيما في مجال التطبيق وميادين العمل وساحات المواقف، يعد المقصد الأعظم في الحياة كلها»، وأشار إلى أنه مع ما تعيشه أمتنا الإسلامية من الواقع المرير في بقاع عزيزة علينا، فإننا نشعر أن لهيب التمحيص لابد أن يضيء طريقنا إلى العام الهجري الجديد مستيقنين أن كلمة التوحيد عدتنا مطلع كل عام جديد، لتحقيق أملنا المنشود، وسؤددنا المفقود، وما ذلك على الله بعزيز. وفي المدينةالمنورة حث إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف الشيخ صلاح البدير المسلمين بحسن المعايشة وأداء حقوق المعاشرة وتحقيق العدل والإنصاف في المعاملة، وقال: «من بسط للناس فراش التوقير ومد لهم بساط التقدير والتمس لهم الحجج والمعاذير ولو مع الإساءة له والتقصير، عاش في النفوس معظما وعلى الألسن مبجلا، والأهل والقرابة أولى الناس بحسن المخالطة وجميل المعاشرة ولين المعاملة»، وأضاف «من عم أهله خيره ووسعهم بره وبسط لهم وجهه، فذلك الشهم الوفي والمعاشر السخي والمخالط التقي، ومن غلظ طبعه وعظمت فضاضته واشتدت على أهله قساوته وشراسته فقابل والديه بالصدود والجحود وعامل زوجته بالتحقير والتعزير وأولاده بالتعنيف والتخويف والإذلال والإهمال وذوي قرابته بالقطيعة والهجران فذلك الذي أساء المخالطة وأوغل في المغالطة»، مؤكدا أن الغلظة والفظاظة هي سبب التباعد والنفور وخراب الأسر والدور، داعيا إلى المسلمين أن يتعاملوا باللطف وباللين والشفقة والمسامحة والرحمة والإحسان وحسن المعاشرة وجميل المخالطة ليحوزوا على عظيم الأجور والحسنات ويحفظوا أسرهم ومجتمعاتهم من النزاعات والخصومات والضياع والشتات. من جهته، أوضحا المحامي الدكتور عدنان الزهراني، والدكتور نامي الشريف رئيس قسم التربية الإسلامية في إدارة التربية والتعليم عضو الجمعية السعودية لرعاية الطفولة، أن كثرة المخالفات الشرعية التي تتنافى مع كلمة التوحيد بدأت في البروز على السطح وما نشاهده من توترات وفتن هي نتيجة لبعد الناس عن العمل بمقتضى كلمة التوحيد، وقالا: «كلمة التوحيد تقتضي من المسلمين العمل بالإخلاص والعدل والتسامح وعدم إثارة القلاقل والفتن وإزهاق الأرواح»، وأضافا «المسلمون إذا عملوا بكلمة التوحيد وتسامحوا وأحسنوا الظن في الآخرين وتلمسوا لهم الأعذار لاستقامة الحياة وعم الإخاء ولكن الناس ابتعدوا عن ذلك مع ملهيات العصر». وطالبا بنشر التوعية والتسامح عبر المنابر الثقافية والإعلامية وأنشطة الكراسي العلمية مع الاهتمام بالقضايا الأسرية التي بدأت تشكل هما اجتماعيا يتطلب جمعيات مدنية تساهم جنبا إلى جنب مع الجهات الحكومية لنشر الوعي لاسيما فيما يتعلق بالنواحي الأسرية والتعامل بين الآباء والأبناء والتي بدأت تطفو على السطح قصصا من العقوق نتيجة اختلاف وجهات النظر بين الطرفين.