تسلمت محكمة جدة الجزئية دعوى مواطنة تطالب فيها بمعاقبة زوجها بتهمة معاشرتها عقب طلاقها دون علمها. وأبلغت «عكاظ» مصادر مطلعة أن الزوجة ذكرت في دعواها أنها كانت على خلاف مع زوجها، وفي إحدى المرات وبعد مشادة بينهما، أبلغها بأنه قد طلقها، وأن صك طلاقها موجود في المحكمة، وعليها أن تذهب لاستلامه، ثم غادر المنزل. وأضافت في لائحة الدعوى، أنها ذهبت في صبيحة اليوم التالي إلى المحكمة للحصول على صك طلاقها، وفوجئت بأن تاريخ طلاقها كان قبل نحو شهرين، وكان طلاقا بائنا بينونة كبرى، بحيث لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، وأن زوجها لم يبلغها بالطلاق بتاتا، بل ظل يعاشرها معاشرة الزوج لزوجته دون أن تعلم بأنها مطلقة منه. إلى ذلك، علق المحامي والمستشار القانوني محمد بن مناع المؤنس، أن الله شرع الطلاق، على بغض منه تعالى له، رأفة بالناس، وحلا لمشاكلهم، لما فيه من تقويض لبيت الزوجية وهدم لكيان العائلة وتشتيت شملها. وحول ما تدعيه الزوجة من أن زوجها أبلغها بأنه طلقها فيما هو عاشرها، اعتبر ذلك استهزاء بأحكام الشرع، ومخالفة للأمر الإلهي في قوله تعالى: «وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ولا تتخذوا آيات الله هزوا..» سورة البقرة 231. ويقول أهل العلم: إن الشريعة قد جعلت حق الطلاق بيد الزوج، كما جعلت حق الفسخ بيد الزوجة، وبالتالي فإذا طلق الرجل زوجته عند فساد العشرة بينهما طلقة أولى أو ثانية، فهذه الأولى والثانية تعتبر طلقة رجعية ولا يجب عليه وجوبا عينيا أن يخبرها إلا بعد انقضاء عدتها بثلاثة أشهر، وأما قبل ذلك، فإن إخباره إياها يكون دائرا مع المصلحة، فقد يكون مستحبا أو مباحا أو يكون واجبا إذا كان في حال خوف من سفر أو مرض أو نحو ذلك، فإذا طلق الرجل زوجته الطلقة الأولى أو الثانية الرجعية ولم يخبرها، ثم جامعها في العدة، فجماعه لها بمثابة إرجاعها، أما إذا طلقها الطلقة الثالثة وجامعها في عدتها، فهذا لا بد فيه من الرجوع للقضاء، لأجل التحقق من الطلقتين الأولى والثانية، وحالة المرأة في الطلقة الأولى والثانية والثالثة، لأن الطلاق إذا صار ثلاثا، فإنها لا ترجع لا بجماع ولا بعقد جديد حتى تنكح المرأة زوجا غيره، حيث قال الله جل وعلا: «فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون» سورة البقرة 230. أما إذا طلقها الطلقة الأولى ولم يجامعها حتى انقضت عدتها، فلا يصح له جماعها لأنها لا تصح له إلا بعقد جديد، لأن العدة وهي المهلة التي جعلتها الشريعة أن يرجع فيها زوجته، قد انتهت وانقضت فلا يصح له وطؤها إلا بعقد جديد، مشيرا إلى أن العلماء فرقوا بين ثلاث حالات، الأولى إذا كانت الزوجة عالمة بطلاق زوجها لها في الطلقة الأولى وقد جامعها في العدة فلا يجوز لها أن تمتنع منه، لأن له الحق في إرجاعها وقت العدة، فإذا أبت الرجوع فإنه يكون لها الخلع أو الفسخ، والثانية أن تعلم أنه طلقها وأراد أن يجامعها بعد العدة، فلا يجوز لها أن تمكنه من نفسها حتى يعقد عليها من جديد، أما الطلقة الثالثة فلا يصح لها أن ترجع إليه حتى تنكح زوجا غيره، والثالثة إذا طلقها الزوج وهي لا تعلم وجامعها، سواء في العدة أو بعدها، فإنه لا إثم عليها، والإثم على الزوج لأنه تعدى حدود الله وتجاوز شرعه وتوقيته الذي وقت عليه، وعليه فيجب في حالتنا الراهنة التحقق من صك الطلاق، فإذا كانت الثالثة وحدث من الزوج ما حدث على النحو الذي ادعت به الزوجة، فيجب الإبلاغ ضده إلى الجهات المختصة في دعوى الحق العام والحق الخاص، لأنه تعدى حدود الله بمعاشرته لزوجته بعد الطلاق الثالث، ولم يكن لها من سبيل للرفض والامتناع لعدم علمها بالطلاق.