في ضباب القيود الكثيرة التي تفرض على حركة المرأة في المجتمع، وفي وهج المعارضة الساخنة لممارسة المرأة كثيرا من الأعمال، وفي ظل الجمال النظري الذي يتردد ذكره على الأسماع من أن المرأة في مجتمعنا تعيش في خير، وأن وضعها الاجتماعي يفوق في خيره وجماله ما هو موجود في الدول الغربية المدعية للتقدم والحضارة حيث لا تحظى المرأة هناك بما تحظى به المرأة عندنا من رعاية وتكريم. المرأة عندنا معالة ومصانة ومدللة ولذلك هي ليست في حاجة إلى أن تعمل كما هو حال المرأة في الغرب، من تطلب العمل من نسائنا، هي تفعل ذلك بسبب التأثر بالغرب أو بسبب تحريضات الليبراليين المدارين بأيدي الراغبين في تدمير مجتمعنا الطيب. في وسط هذا كله، كان آخر ما يخطر ببالي أن أجد نساء في المملكة يمتهن صيد السمك ينتزعن من جوف البحر رزقهن ورزق أولادهن وأسرهن التي يعلنها!! صورة المرأة (الفرسانية) المنشورة في صحيفة الوطن يوم السبت الماضي وقد انغمس أكثر من نصف جسدها في الماء وهي متشحة بالسواد من أعلاها لأسفلها وتمسك بشباك الصيد في يدها تنشرها على صفحة الماء تستدرج بها السمكات المائجة من حولها، هي في تقديري صورة تستحق أن تفوز بجائزة، ففيها تجسدت معان كثيرة ومفاهيم إنسانية متعددة قد تبدو في بعضها مثيرة للاستغراب!! هذه الفرسانية وغيرها من النساء المكافحات، اللاتي ساقتهن الحاجة إلى الانغماس في ملوحة البحر بكامل ثيابهن وغطاء وجوههن يخضن الموج يصارعن الرزق، هن نساء قويات، نساء جديرات بالاحترام والتقدير، فقد فضلن الانغماس في هذا العمل الشاق الذي هو بمعاييرنا التي نتداولها يعد عملا (غير ملائم للمرأة) فضلن ذلك على أن يبتذلن أنفسهن بمد اليد لاستجداء صدقات المحسنين. هؤلاء النساء يقدمن مثلا حيا يؤكد أن من كان جادا في حفظ كرامته، حريصا على أن يعز نفسه عن الحاجة إلى الآخرين، يمكن له أن يجد طريقا إلى العيش الكريم يشقه في الصخر ويحفره في أعماق الماء. هؤلاء النساء لا يتوقعن أن يكتشف موقعهن (الضمان الاجتماعي)، ولا أن تتداركهن كرامات الجمعيات الخيرية، ولا أن تتذكرهن (الموارد البشرية) بشيء من التدريب والتأهيل، فاعتمدن على أنفسهن انطلقن ممتطيات العزيمة يتعلمن ممن حولهن أسرار المهنة مستفيدات من التجربة والخطأ، فتعلمن متى تكون الأوقات المناسبة للصيد، وكيف يمكن إصلاح الشباك متى تمزقت، وأين يلقينها، وكيف يجمعنها، وغير ذلك من المهارات التي يحتاج إليها الصيادون. هؤلاء النساء تدثرن بالثقة وقفزن إلى البحر فأطعمن أولادهن وحفظن كرامتهن، ورفعهن رؤوسهن معتزات بصلابتهن. وفي كل مساء حين يجلسن يملحن السمك ويجففنه تمهيدا للبيع، تلوح على وجوههن ابتسامة، وهن ينصتن إلى المجتمع ينشد معلقاته العذبة عن نسائه المدللات. فاكس :4555382 1 للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة