ما حدث في مدرسة براعم الوطن يمكن أن يوصف بالكارثة، أو بالمصيبة، ومهما تباينت التسميات، تظل المشاعر المتفاوتة هي التي تعي مقدار حجم المأساة، ووقعها في النفوس، وخاصة لمن تجرعوا مرارة فقدان أعزاء لهم، أو تألموا لمصاب أحبائهم. وعزاؤهم في ذلك دعاء صادق بالرحمة والفردوس الأعلى للمتوفيات، وبالشفاء العاجل للمصابين والمصابات. وفي خضم الكم الهائل من التقارير الإخبارية والتصريحات، يتردد تساؤل بحجم المعاناة: على من تقع مسؤولية ماحدث؟ مع إيمان الجميع بقضاء الله وقدره؛ فقد ألقت الفاجعة بظلالها على عدة جهات أخذت تلقي باللائمة على بعضها البعض. فوزارة التربية والتعليم طالبت بمساءلة وزارة البلديات عن القضبان المحيطة بنوافذ المدرسة، والتي كانت سببا رئيسا لارتفاع عدد الإصابات، والدفاع المدني يتهم الوزارة بالتقصير، ويذكر بأن السياج مسؤوليتها، أما ملاك المدرسة فلم يصدر منهم أي تصريح، ولم نسمع لهم صوتا، أو نشاهد لهم صورة، وكأن الأمر لا يعنيهم في شيء! المنطق يقول بأن مسؤولية ما حدث تقع على المجتمع بأفراده ومؤسساته، وذلك من مبدأ تشارك الحقوق والواجبات والمسؤوليات. فإدارة التربية والتعليم غضت الطرف وسمحت باستمرار الدراسة في المبنى الذي لا يستوعب أكثر من تسعمائة طالبة، فضلا عن نقص مستلزمات الأمن والسلامة، وتحول مخارج الطوارئ إلى وسيلة للقتل، بدلا من الإنقاذ، كما ذكر الهلال الأحمر. الدفاع المدني تأخر في الاستجابة وحضر للموقع دون اكتمال التجهيزات اللازمة للتعامل مع مثل هذه الحوادث! ملاك المدارس استهدفوا تسجيل أكبر عدد ممكن من الطالبات، وزيادة الرسوم، وتحقيق الأرباح، بغض النظر عن استهداف تحسين مخرجاتها، أو منح معلماتها رواتب مجزية تتسق مع ما يبذلنه من جهود مخلصة استمرت لاثنتين منهن حتى آخر لحظات العمر. من المفترض أن يعمل المجتمع أفرادا ومؤسسات على تجاوز هذه الأزمة، وذلك بتعزيز مبدأ الإيمان بقضاء الله وقدره، انطلاقا من قوله.تعالى: «ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير * لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور» (الحديد،الآية 22). والمسارعة لعلاج طالبات ومعلمات المدرسة لمواجهة ما بعد الصدمة، ومحاسبة كل من يثبت عليه التقصير كائنا من كان، وتقاسم المسؤوليات لضمان عدم تكرار ما حدث، واعتماد الحلول الوقائية Preventive solutions بدلا من الانتظار لحين وقوع المشكلة. كلمة أخيرة: أكدت المرأة السعودية مجددا قدرتها على العطاء حتى في أصعب المواقف، وقدمت المعلمتان (ريم، وغدير) رحمهما الله أروع الأمثلة للتضحية والإيثار. * جامعة الملك سعود كلية التربية [email protected] للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 272 مسافة ثم الرسالة