في الوقت الذي تدعو فيه المنظمات العالمية إلى محاربة السمنة المتفشية في العالم، نجد بالمقابل من يبحث عن زيادة الوزن والسمنة وخاصة بين النساء المقبلات على الزواج اللاتي يعتقدن أن نحافتهن الشديدة سوف تقف حجر عثرة في وجه إبراز فتنتهن، وأيضا المتزوجات الساعيات إلى إرضاء أزواجهن الباحثين عن الأجساد الممتلئة، أو حتى بعض الفتيات الراغبات في تحسين قوامهن بزيادة الوزن، وفي توجه جديد لجأت بعض النساء والفتيات في السنوات الأخيرة إلى أساليب غير صحية لزيادة أوزانهن والحصول على قوام ممتلئ، عبر تناول خلطات من الأدوية التي من شأنها زيادة الوزن بشكل سريع ولكن بمقابل أكثر كلفة، ومن هذه العقاقير الأقراص الصينية، حبوب أغادير وبعض الهرمونات وأدوية الحساسية والاكتئاب وبعض الخلطات مجهولة المصدر وغير المرخصة، مصدرها العطارة وباعة الأعشاب المجهولة. «عكاظ» تقصت عن الظاهرة في جولة ميدانية شملت عددا من محال العطارة والمتاجر التي تديرها العمالة الإندونيسية وبعض الصيدليات، كما حاورت بعض الفتيات ممن مررن بالتجربة وأيضا خبراء التغذية.. وكانت الحصيلة: كانت البداية مع الباكستاني محمد أحمد (بائع في محل عطارة) الذي أقر ل«عكاظ» بعد تردد وممانعة شديدة، أنه يبيع تلك «الحبوب الصينية» لبعض النساء بناء على طلبهن، وأخرج من مخبأ داخل المحل كيسا يحوي كمية من الحبوب، مبينا أن سعرها ارتفع من 80 إلى 120ريالا بعد منع تداولها في السوق، مضيفا أنه يوفر ما يحتاجه من كميات بطرق خاصة -على حد قوله، وفي محل آخر، طلب العامل بإشارة من يده أن ننتظر حتى يخلو المحل من الزبائن بمجرد السؤال عن هذه الحبوب، وبعد مغادرة آخر زبون للمحل طلب عدم البوح أو السؤال عن هذه الأدوية بصوت عال لأنها ممنوعة، ويضيف: «الحبوب الصينية غير متوفرة حاليا.. ولكن لدي حبوب أخرى أفضل منها»، وزاد: مفعول الحبوب الصينية غير ثابت ويعود مستخدمها للنحافة مرة أخرى بمجرد التوقف عن استخدامها، فيما يستمر مفعول «حبوب أغادير» حتى بعد التوقف عن تناولها، لذلك تجد سعرها أغلى حيث يصل سعر العلبة الواحدة إلى 150ريالا. عقاقير محظورة بدوره، أخرج ياسين محمد (بائع في إحدى البقالات الإندونيسية المتخصصة في بيع الأغذية والأدوية الشرق آسيوية) كيسا مليئا بالأدوية والعلب الغريبة من أسفل المكتب بمجرد سؤاله عن أدوية التسمين، وأخذ يشرح فائدة كل دواء على حدة دون خشية أو خوف، فهذا للتسمين، وذاك لتكبير الصدر والأرداف، وآخر لتبييض البشرة، وبسؤاله عن مصدر هذه الأدوية ونظاميتها قال بكل جرأة.. نعم إنها ممنوعة ولكنه يجلبها من إندونيسيا عبر صديقه، فيما أكد محمد صلاح (صيدلاني) خلو صيدليته من مثل هذه الأدوية المشبوهة، مشيرا إلى توفرها في السابق قبل سحبها من الصيدليات لضررها، ويضيف: رغم الحظر إلا هناك من يوفرها عبر التهريب طمعا في المكاسب، خصوصا أن الكثير من النساء وبعض الرجال يقبلون على مثل هذه العقاقير، وخلص إلى القول: يأتي البعض طلبا في أدوية الحساسية والاكتئاب رغبة منهم في زيادة الوزن. أمراض بالجملة من جهتها، بينت أم روان أنها استخدمت الحبوب الصينية للتغلب على نحافتها الشديدة، وتضيف: كنت أمل أن يزيد وزني بمجرد زواجي وإنجابي للأطفال، ما زاد تذمر زوجي من نحافتي الزائدة ووصفي «بالمسطرة» وأوضحت أم روان أن إحدى صديقاتها وصفت لها الحبوب الصينية، ورغم علمها بأضرارها إلا أن رغبتها الشديدة في زيادة الوزن، أنستها التحذيرات على حد قولها، وزادت: باستخدامي الحبوب زاد وزني وأصبح قوامي جميلا، ولكني أصبت بعطب في الكلية أرجع الأطباء سببها إلى استخدام أدوية ذات مكونات ضارة، ومواد خطيرة تتسبب في حزمة من الأمراض منها السرطان والفشل الكلوي وهشاشة العظام وتساقط الشعر، كونها تحتوي على مكونات (الكورتيزون)، ما أفزعني وجعلني أتوقف فورا عن تعاطيها، وتابعت: أنصح كل من يستعمل هذه العقاقير بالتوقف فورا لأن الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يعرفها إلا من جرب المرض. لا آبه بالتحذيرات وذكرت سارة ف. أن معاناتها مع النحافة بدأت منذ المرحلة الثانوية، واشتهرت بين زميلاتها «بالعصلة» وتضيف: كان وزني 36 كيلو غراما وطولي 160سم، وكان كل من يراني يحسبني مريضة، حتى وصفت إحدى النساء لوالدتي الحبوب الصينية، وكان مفعولها واضحا وملموسا ولكن بمجرد تركها كنت أعود إلى سابق عهدي، لذلك جربت جميع العقاقير الطبيعية وغير الطبيعية التي من شأنها زيادة وزني دون فائدة تذكر، وأصدقك القول أني على استعداد لتجربة أي دواء حتى ولو كان خطيرا للوصول للوزن المثالي فنظرات زوجي وأهله تدفعني للجنون. ولا تخفي نوال ربة منزل خوضها تجربة أكثر من دواء بحثا عن السمنة على حد قولها، وتضيف: استخدمت العديد من أدوية الحساسية المحتوية على «الكورتيزون» فضلا عن العديد من الخلطات الشعبية التي لم تفدها على حد قولها مثل الحبوب الصينية في سرعة زيادة الوزن، حيث امتلأ جسدها وتناسق خلال ثلاثة أسابيع، وأصبح كل من يراها ينبهر بها معتبرة قرار إيقاف هذا العقار أمرا سلبيا، وقالت: قرار المنع صعب من فرص حصولي على العقار، وزاد من سعره، وأكدت حرصها على تناوله بأي ثمن غير آبهة للتحذيرات الطبية. لا علاج سحريا إلى ذلك، كشفت ل «عكاظ» أستاذ مشارك في قسم التغذية في كلية العلوم في جامعة الملك سعود في الرياض الدكتورة سهير المصري، مدى خطورة استخدام مثل هذه الأدوية غير المصرح بها ومجهولة المصدر، وقالت إن أخف أضرارها يكمن في الفشل الكلوي، مشيرة إلى هاجس النحافة الذي يدفع بالبعض إلى استخدام بعض الخلطات والأدوية التي تعرضهم للإصابة بأمراض لا شفاء منها، وبينت أن تلك الأدوية والخلطات تدخل في مكوناتها عقاقير الحساسية والاكتئاب والتي تدفع أصلا بمستخدمها إلى زيادة الوزن، وعند إضافتها إلى عقارات التسمين التي تباع خفية وفي غفلة من الرقيب يحس مستخدمها في بداية الأمر أنه حقق غايته في زيادة الوزن، سرعان ما يشعر بالمضاعفات التي تبدأ بالفشل الكلوي وتنتهي بالسرطان، مستطردة بالقول: لا يوجد علاج سحري يزيد الوزن أو يكبر أحد أعضاء الجسم؛ لأن الصدر مكون من الغدد الدهنية مع الأنسجة الأخرى لذا لا يوجد دواء طبي أو شعبي يزيد في حجم الصدر الأصلي.