بعد انتشار الدائرة المعلوماتية في الثقافة وإكساب العقول ما تحتاجه من معلومات، اختفى وهج الكتب، ولم تعد ذات حضور قوي حتى في المعارض التي تحتفي بها وتجعلنا نعود لها على استحياء، ولكنني على يقين أن تلك العودة لم تكن لهفة لذلك الكتاب، إنما ابتهاجا وفضولا لرؤية أنموذج احتفائي وعرض ترويجي. وكلما تتقارب السنين تزداد القلوب والعقول بعدا عنه، لا تظهره في أحاديثها ولاتفرح لجديد إنتاجه، إنما جل اهتمامها بوسائل التقنية التي جعلت الكتاب في عزلة تامة ما أوجد فراغا بين القارىء اللهوف والقيمة القرائية، وهذا النقصان سيخلق لامحالة، التفاوت الثقافي الذي نتخوف منه. وحتى لا نكون استعلائيين على الكتاب، علينا أن نعلي راية الكتب في المؤسسات التربوية والاجتماعية من خلال الندوات والمعارض والمحاضرات المستمرة، التي تبرهن للقارىء والمتابع والمستكشف مدى أهميتها وأنها ليست ظلا زائلا آن فناؤه. ولعل المحتوى الفاعل لذلك استخدام اللافتات الإعلانية الكبيرة التي تظهر قيمة الكتب في الميادين والشوارع الرئيسة، فتجعل الناس يلتفتون شيئا فشيئا لهذه المادة المضاعة فيعودون إليها ليروا كم هي جميلة وحانية على روادها وأحبابها، وليست قاسية كما يظنها البعض على هاجريها. فلا داعي للاستعلاء على الكتب بعد اليوم لإنها كنز روحي يجعلنا نعيش إلى آخر قطرة في عالم الثقافة والمعرفة المستمرة. حمد جويبر جدة