عندما تفشل بعض الدول في سياساتها قد تلجأ لإيجاد المشكلات الداخلية أو تلجأ لتوتير علاقاتها الخارجية وذلك لإشغال شعوبها عن إخفاقاتها. والاختيار الخارجي قد يأخذ أساليب متعددة منها الحرب مع دولة مجاورة أو إعداد وتدبير المخططات والمؤامرات التي تشمل جملة من الاغتيالات والتفجيرات والاختطافات وبعض الأعمال الإرهابية الأخرى، وإيران تعاني من الإخفاقات الملحوظة في سياساتها الداخلية والخارجية، ولذلك لجأت لسياسة العنف والتهديد به وكذلك التدخل في الشؤون الداخلية للدول وإحداث الفوضى فيها كوسيلة لتحقيق أهدافها السياسية وتوسعة نفوذها خارج الحدود والعمل على حشد كل شيعة العالم من وراء ولاية الفقيه. وليس المقصود هنا رصد كل ما قامت به إيران من أفعال تؤكد سلبية وعنف سياساتها سواء في منطقة الخليج، وخاصة في العراق، أو في دول أخرى مثل اليمن وسوريا ولبنان، أو ما قامت به من دعم لمنظمات وأحزاب لكي تثير القلاقل في دولها، وذلك لخدمة المصالح الإيرانية، وإنما ما يعنينا هنا هو قضية المؤامرة المتهمة بها إيران أخيرا، المتضمنة اغتيال السفير السعودي لدى واشنطن وتفجير السفارة السعودية هناك، فهذا العمل يعتبر تصعيدا للعنف السياسي الذي دأبت إيران عليه. وباعتبار صحة المؤامرة ومحاولة تنفيذها فإن الدوافع لها كما يبدو هو الوقيعة بين واشنطن والرياض بقصد تخريب وتعكير صفو علاقاتهما الثنائية وإشعال النار بينهما، خاصة بعد عودة هذه العلاقات تقريبا إلى ما كانت عليه قبل أحداث 2001م وزوال كثير من آثارها السلبية حتى الآن. هذا مع توافق مثل هذا العمل للنهج الإيراني في استعمال شتى وسائل العنف في سياساتها الدولية، والشواهد على ذلك كثيرة. لذلك فإن أحد الأهداف السياسية لهذه المؤامرة لو تم تنفيذها هو تهديد المملكة، التي تتهمها إيران بالتبعية للولايات المتحدة، وكذلك إيقاع الضغوط المختلفة عليها، وليس بالضرورة أن يكون الهدف تحديدا هو اغتيال سفير المملكة وتفجير سفارتها، وإنما ذلك وسيلة لتلك الأهداف. ومع ذلك فالمؤامرة ومحاولة تنفيذها أمر خطير وسلوك إيراني متهور بكل المقاييس. هذا إلى جانب رغبة إيران إبداء عدم رضى وقبول بجهود المملكة ودورها في تهدئة اعمال العنف والمظاهرات الناشئة في دول الخليج مؤخرا والتي تتهم إيران بأنها وراء إثارتها باعتبار هذا تدخلا إيرانيا في الشؤون الداخلية لهذه الدول كما يتضح أن إيران تبدي انزعاجا من مواقف المملكة الحازمة تجاه أي عمل يقصد من ورائه إثارة الفوضى وزعزعة الأمن والاستقرار فيها كما حصل في الماضي. وثبت مع الزمن أن أفعال إيران الثورة تجاه المملكة جاءت خلاف تصريحاتها التي ليست بمجملها إيجابية بل متناقضة.