أكد وزير الحج الدكتور فؤاد بن عبدالسلام فارسي أن المملكة تحشد كافة طاقتها البشرية والآلية والمادية لخدمة ضيوف الرحمن، وفق خطة استراتيجية واسعة وشاملة مع الأخذ بكل الأسباب التي تسهل أداء رحلة الحج. وقال الفارسي لدى افتتاح ندوة الحج الكبرى السنوية في مكةالمكرمة «مواكب الحج في التراث الإسلامي .. دروس وعبر» بحضور مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، ورئيس مجلس القضاء الأعلى الشيخ الدكتور صالح عبدالله بن حميد، «إن هذه البلاد وأهلها يتشرفون دوما بخدمة ضيوف الرحمن وراحتهم وذلك بدعم وتوجيه من الدولة التي لم تتوان في أداء هذا الواجب بل تعمل على تطويره سنويا من الحسن إلى الأحسن، وتستحدث خدمات جديدة متطورة والتي تبني سياسات طموحة ومعلنة تهدف لخير هذا الوطن ومواطنيه وقاصديه من الحجاج والمعتمرين». من جهته، قال سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ «إن حجاج بيت الله الحرام جاءوا من كل فج عميق هذه الأيام ليؤدوا مناسك الحج استجابة لله وطاعة لله ورسوله رغبة فيما عند الله، فارقوا من أجله الأهل والوطن والمال طاعة لله واستجابة لدعوة إبراهيم عليه السلام، وأن أعظم منافعهم التقاء قلوبهم على طاعة الله واجتماع كلمتهم فنبيهم واحد، ودينهم واحد، كتاب الله إمامهم وقدوتهم محمد صلى الله عليه وسلم، جاءوا ليحققوا الوحدة الحقيقية بين المسلمين، جاءوا ليتعلموا ويتثقفوا ويتعارفوا ويتألفوا ويحلوا مشكلاتهم ويدرسوا قضاياهم، ويخرجوا بالنتائج النافعة التي تكون سببا لاجتماع القلوب». وأضاف آل الشيخ، أن الله من فضله وكرمه وجوده وإحسانه جعل الحج فريضة العمر من أداه في عمره مرة فقد أدى هذا الركن وبرأ ذمته منه، ثم أنه جل وعلا تفضل على المسلمين في هذه العصور الأخيرة فجعل هذا البلد الأمين وبلد رسوله صلى الله عليه وسلم تحت أيد أمينة مخلصة صادقة قامت بكل ما يلزمها وأدت الواجب بكل ممكن وأنفقت الغالي والنفيس في سبيل راحة الحجيج، وهيأت لهم السبل وذللت لهم الصعاب ووفرت لهم كل الخدمات الصحية والأمنية والغذائية والتوجيهية من أجل راحتهم وسلامتهم، فالحجاج يأتون من كل مكان فيجدون حرما آمنا مطمئنا وتقديم كل الإمكانات من أجل راحة الحجيج وهذه نعمة من الله على أهل الإسلام ليشكروا الله عليها وليدعوا لقادتنا بالتوفيق والسداد، وثمن ما يقدمه خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين وحكومته من واجب كبير وجهد عظيم من خلال إشرافهم على الحج بأنفسهم ومتابعتهم لمواكب الحجيج. الحج ليس ميدانا للمهاترات وأضاف سماحة المفتي، أن من يريد أن يعكر صفو الحج أو يظن أن الحج ميدان لأحداث سياسية أو أغراض شخصية فهو بذلك آثم، لأن الله لم يجعل الحج ميدانا للمهاترات ورفع الشعارات. عقب ذلك، بدأت الجلسة الأولى للندوة التي طرح فيها ست ورقات عمل، وتناولت دور الحاج في النشاط العلمي في مكةالمكرمة في القرن العاشر الهجري، طرق الحج إلى مكةالمكرمة ومظاهر الاهتمام بها في العصر الأموي، إلى جانب نفقة الحاج في العصر المملوكي الأول والوظائف التابعة لأمير ركب الحج ومكةالمكرمة، المكان والمكانة. إثر ذلك بدأت الجلسة العلمية الثانية التي طرحت خلالها أربع ورقات عمل عن دور مواكب الحج في وحدة الشعائر والسلوك، سيادة اللغة العربية، وحدة العبادة ووحدة الفكر الإسلامي. وفي الجلسة الثالثة أمس قدمت أربعة بحوث علمية الأول للدكتور أبو نيوت بعنوان (الشعر في الحج)، الثاني للدكتورة إبتسام حسين بعنوان (الخطابة في الحج)، الثالث للدكتور سهيل صابان بعنوان (موكب الحج في العهد العثماني)، والرابع للدكتور محمد المحبوبي بعنوان (الحضور المكي في الذاكرة الشنقيطية). يشار إلى أن الندوة التي يشارك فيها 43 عالما ومفكرا من أنحاء العالم الإسلامي تهدف إلى إيضاح دور المملكة في تسهيل وتيسير أمور الحج أفرادا وجماعات وجهودها الدائبة في تحقيق أمنهم وسلامتهم، إلى جانب استعراض مسيرة مواكب الحج في التراث الإسلامي وما خلفته من رصيد إنساني أصيل وإظهار البعد الإنساني والاجتماعي لفريضة الحج في الإسلام والتعرف على الوسائل والغايات في أداء فريضة الحج في مختلف البيئات. كما تهدف إلى التعرف على دور أولي الأمر في تنظيم هذه المواكب ومدى مشاركتهم فيها والتعرف على أوجه الشبه وأوجه الاختلاف بين مواكب الحج في مسيراتها السنوية والتعريف بدور فريضة الحج في تعميق الانتماء إلى العقيدة الإسلامية السمحة والاستعداد للتضحية والبذل في سبيلها والتعريف بدور فريضة الحج في توحيد الأمة الإسلامية على اختلاف مشاربها ومنابتها.