تسعى إسرائيل لأن تربط قضايا معاناة ومشكلات الأقليات الدينية والعرقية، التي هي في الغالب من ورائها، بالعرب والمسلمين في الدول العربية. وذلك لهدف تدويل هذه القضايا، وهناك في الغرب من يتعاون معها في ذلك. وفي هذا السياق توجهت إسرائيل إلى إيجاد نزاعات أفريقية عربية وذلك بتأييدها للعرقيات الأفريقية في بعض الدول العربية كالسودان وموريتانيا بهدف دفعها للتمرد آملة أن يقود ذلك في النهاية لإقامة دويلات أفريقية، كما حدث في جنوب السودان، تقوم إسرائيل ومعها الغرب بدعمها ومساندتها لكي تكون شوكة في الخاصرة العربية وبنفس الوقت تدين بالولاء لإسرائيل. فمن جنوب السودان بدأت إسرائيل بنشر أفكار ومعتقدات كاذبة عن علاقة العرب بالأفارقة بقصد تشويهها حيث ألصقت بالعرب ممارسة الرق والاستعباد للأفارقة، هذا إضافة إلى ما يدعيه الإسرائيليون بأن بينهم وبين الأفارقة قاسما مشتركا: فهم جميعا أقليات مضطهده في محيط من العرب والمسلمين. لكن الإسرائيليين هذه المرة لم يدعوا أن قبيلة يهودية تاهت واندمجت مع الأفارقة مثلما ادعوا أن القبيلة الضالة انتهت في الهند، وأن إمبراطور اليابان منحدر أصلا من إحدى قبائل اليهود التائهة. ومن هذا المنطلق فإن إسرائيل تدعم كل حركات التمرد: في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان في السودان، كما عملت سابقا في جنوبه، وفي موريتانيا. وبخصوص موريتانيا فإن إسرائيل بذلت ما في وسعها لتحريف الحقائق التاريخية وإثارة النعرات العرقية فيها بهدف تفتيتها على أساس (أبيض وأسود) مدعية بأن سكان موريتانيا في الأصل هم من السود، فدعت إسرائيل لذلك لفصل العرب والأفارقة فيها، وتخلي الجميع عن انتمائهم العربي كي تقوم دولة أفريقية مكان العربية تمهيدا لإبعاد العرب عن موريتانيا. وقد كان لسفارة إسرائيل والدبلوماسيين فيها نشاط في هذه الأمور وكان ذلك ملموسا للآخرين. وبالرجوع للتاريخ فإن اليهود سبق أن مارسوا التجارة مع أمريكا والدول الاستعمارية في رق واستعباد الأفارقة وقت أن كانت أفريقيا عبارة عن مستعمرات أوروبية. فقد أسهم اليهود بنقل الأفارقة قسرا إلى الأمريكتين وبعض الجزر المتناثرة هناك لاستخدامهم في الزراعة وفي المصانع والبيوت. كما تعامل إسرائيل الأفارقة فيها بأسلوب عنصري وغير إنساني وتعتبرهم درجة ثانية، ومن هؤلاء جنسيات من اثيوبيا ومن جنوب السودان، وتعتبر الجنوبيين متسللين يلزم إعادتهم لبلادهم كما أتوا منها. وقد عبر عن هذه العنصرية الإسرائيلية رئيس وزراء إسرائيل السابق (مناحيم بيقن)، بعد أن صوتت الدول الأفريقية عام 1975م لصالح قرار الأممالمتحدة، الذي اعتبر الصهيونية عنصرية، عندما قال (بيقن) عن الأفارقة: «كيف تحسب الشعوب التي كانت إلى عهد قريب تعيش فوق الأشجار أنها أصبحت تقود العالم» .. والله الموفق.