ماذا ينتظر ليبيا بعد مقتل القذافي وسقوط نظامه؟ هل هي مقبلة على تكرار التجربة العراقية؟ أم ستتحول إلى صومال جديد في ظل الانتشار الواسع للسلاح وتعدد توجهات الثوار؟ وكيف يمكن للشعب الليبي المحافظة على الإنجاز الذي حققه بعد أن دفع الثمن غاليا؟. هذه التساؤلات وهواجس أخرى طرحتها «عكاظ» على عدد من خبراء السياسة الدولية، حيث اتفقوا على أن الدولة الليبية موعودة بمرحلة انتقالية صعبة وحرجة تتطلب الكثير من الحكمة للخروج منها إلى بر الأمان. المتخصص في الشؤون العربية والمحلل الاستراتيجي فؤاد مطر رأى أن المخاطر التي تواجه ليبيا ما بعد القذافي تكمن بالدرجة الأولى في النزعة القبلية ذات الطبيعة الثارية الحادة. وقال مطر: بعد أكثر من 40 عاما من الانتعاش لقبيلة القذاذفة وقبائل صغيرة مرتبطة بها، وجد مجتمع خاص شعر بنوع من المحنة التي أصابته. وأضاف أنه في حال أراد الحكم الجديد تنظيف مرحلة طويلة من الشوائب والأخطاء والخطايا مداواة لجراح الماضي فعليه أن يأخذ هذه المسألة بعين الاعتبار وبكثير من التفهم. وأشار إلى أن فترة حكم القذافي أوجدت مصالح لجماعات ليست بالضرورة مرتبطة به قبليا بل هي جماعات ذات مصلحة، ويمكن أن تشكل عبئا على المرحلة الجديدة. وتابع قائلا: هذه الجماعات ستكون أداة ضغط متنام مثلها مثل طبقة التجار في سورية التي لم تنخرط في العملية الأمنية الاحترازية للنظام لكنها تشكل «لوبيا» اقتصاديا يحميه. وقد تتعرض تلك الجماعات لمساءلة مالية مثل المساءلات الحاصلة حاليا في مصر بتهم الإثراء غير المشروع. واستطرد: في حال أراد الحكم الليبي الجديد اعتماد سياسة الاجتثاث التي اتبعت في العراق بحيث يتم حذف كل من ارتبط بالنظام السابق من قوائم المواطنة سيكون ذلك خطأ كبيرا، وسيصبح حاله كحال حكم القذافي إن لم يكن أقسى منه. وأردف: لا ننسى الشعور ب«الإثم الوطني» فبالرغم من أن الشعب الليبي هو محرك الثورة فإن الوسيلة كانت أجنبية. وهذا الشعور سيزعج الليبيين والعرب بشكل عام لفترة طويلة من الزمن، لأن الكل كانوا يتمنون لو كان التغيير وطنيا وبإرادة أبناء الوطن. من جهته، قال الدكتور جورج صدقة المحلل السياسي ورئيس قسم الصحافة في الجامعة اللبنانية: الأسئلة والمخاوف التي تطرح مع مقتل القذافي بدأت تظهر بالفعل مع الانقسامات الحاصلة في المجلس الانتقالي الليبي والحديث عن اختلافات حادة داخل المجلس. وأضاف أن ليبيا مقبلة على مرحلة طويلة من عدم الاستقرار، فضلا عن المخاوف من التصفيات القبلية بين القبائل التابعة للنظامين السابق والجديد. وتساءل: هل سيتمكن المجلس الوطني الانتقالي من ضبط حالة «التشرذم» الحاصلة داخله والسيطرة في الوقت نفسه على القبائل، وما طبيعة النظام السياسي الذي سيحكم ليبيا؛ هل سيكون ديمقراطيا ينبثق عن الشعب عبر انتخابات علما أن الشعب الليبي ليس مؤهلا لخوض هذه التجربة. وخلص إلى أن مهمة المجلس الانتقالي صعبة وضخمة. وأضاف: هناك أيضا مصير الترسانة من الأسلحة التي كان يملكها القذافي والخوف من انتقالها إلى أيدي الثوار أو تنظيمات معينة يمكن أن تستخدمها لاحقا في عمليات إرهابية في الداخل أو الخارج. وكذلك يجب ألا ننسى أطماع الدول الغربية التي ساندت الثورة واحتمال مطالبتها بحصة من مقدرات البلاد النفطية، باعتبار ذلك حقا لها بحكم مساهمتها في نجاح الثورة والإطاحة بالقذافي. ومن زاوية أخرى، رأى الدكتور باسكال مونا الباحث في العلاقات الدولية والشؤون السياسية القضية الليبية قائلا: الصعوبات تكمن في القدرة على إعادة تكوين ليبيا من ناحية المؤسسات الدولية ومن الناحية الاقتصادية، الإدارية، الثقافية، والتربوية، لأن كل ما كان في ليبيا كان متوقفا على إرادة القذافي ولم تكن هناك أية حياة سياسية، مجتمع مدني، أو حركات تسمح بلعبة ديمقراطية الآن.