في العادة اليومية.. لا تمر من شارع رئيسي بالرياض الساعة التاسعة والنصف صباحا إلا والحيوية تتدفق فيه من كل جانب.. المحال التجارية مفتوحة والباعة يتبادلون الصباحات بجد واجتهاد في طلب الرزق، ودائما الشوارع صباحا ومساء بالرياض تعج بالحركة خاصة أول أيام الأسبوع.. نهار السبت بالأمس كان الموقف مختلفا.. شيء من الجمود يلف الرياض وشيء من العبوس تحسه في الأماكن والوجوم يغلف الوجوه وكأنما فيها «كتمة» تطبق على الأنفاس!، سألت صاحب محل تجاري في (المعيقلية) الممتدة خلف قصر الحكم، قلت له أليس الساعة التاسعة والنصف صباحا وقتا مبكرا على صلاة الظهر، فلماذا تغلق أبوابك.. قال بكل تلقائية يفوح منها الصدق (ما بعد سلطان ربح نتهنى فيه)، الرياض بدأت من هنا.. والتاريخ يذكرنا ببداياته من هذه المواقع.. فإذا التفت وجدت قصر الحكم الذي انطلقت منه أول إرادة شعبية تلتف حول آل سعود، في نفس المكان التاريخي ترى الناس البسطاء وهم ينعون محبوبهم سلطان!، هذا هو الشعب السعودي بينه وبين حكومته وشائج أقوى من الشعارات، وإلا ما الذي يجبر صاحب دكان يسترزق منه أن يغلق دكانه مع بدء النهار لأنه حزين لولا أنه محب بإخلاص ووفي بلا ثمن!!.. قد لا يكون دخل قصر محبوبنا سلطان مرة واحدة في حياته، لكنه يعرفه بقلبه وحسه وضميره، فقد كان ذلك المحسن النبيل الأمير العظيم ملء السمع والبصر، ومثله لا ينعاه ولا يبكيه الأشخاص فقط بل والمعاني الإنسانية الرفيعة.. ينعاه الكرم والجود والنبل والمروءة والشهامة والبشاشة والإقدام والعطف واللين والإنسانية جمعاء!، كل ما قلت من الزين شيء كان في سلطان.. وكل ما قالت الأفواه «أي» بادر سلطان أبو المكارم هذه ميزته.. وسلطان المواقف الخيرة ما من خير إلا وله فيه يد!، كان لا يتنفس إلا بالفزعات يمدها عطايا وهبات، وإذا نام ينام وعيناه مفتوحتان في انتظار صرخة ألم يكون لها سند وظهر!!، لقد آثره الله واختاره للقائه وفي كل بيت له منزلة.. وفي كل ضمير له مكان.. محبوب لأفعاله فلا تعجب إن مررت بالبيوت ورأيت فيها قلوبا تدمع وأصوات شهيق وأنفاس زفير... هذا هو الخلود فسبحان من جعل له علوا في الحياة وهو قادر أن يجعل له علوا في الممات، لأن الله وعد عباده المحسنين أن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون!، واليوم إنا لفراقك محزونون إنما بلقائك بربك الأكرم واثقون.. فلن تكون فيه غير فرحان بل ابشر سيدي بجنات ونعيم أعدت للمتقين.. وإذا كنا نبكي الفراق فالعزاء.. أنك اليوم بجوار ربك الأعلى أما نحن بجوار غيره فطوبى لك.. أن خصك الله من السعداء! الأمير سلطان بن عبدالعزيز كان خريطة طريق النهضة السعودية الحديثة ومعلمها أصول الأخلاق ومروض نهم الرفاهية بمواقف إنسانية جعلت من الرخاء السعودي مضرب المثل حين لا يدوس القوي الغني على الفقير بل يرفعه إليه، إنها أفعال سلطان الذي غادر دنيانا نهار السبت وترك له في كل بيت أثرا!. وما نقول غير ما يرضي الله، وعزاؤنا أن الدنيا ما فيها خلود!!. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 152 مسافة ثم الرسالة