تواصل الورش الصناعية والمصانع نشر خطرها وسمومها في مدينة بيشة وأحيائها المكتظة، وفي موازاة ذلك تتواصل صيحات ونداءات يطلقها السكان مطالبين بإخراج تلك الورش والمصانع خارج الأحياء السكنية، درءا لخطرها على الصحة والبيئة وعلى السلامة بشكل عام، إضافة إلى تشويهها للمنظر العام للمدينة منذ أكثر من 30 عاما. وسكان المدينة بشكل عام والصناعيون بشكل خاص، يعلقون منذ ذلك الوقت آمالهم على أن تتخذ البلدية خطوة حاسمة في اتجاه تخصيص مكان مناسب خارج المدينة تنتقل إليه هذه الورش والمصانع لتتوحد في مكان واحد، ولكي تتنفس الأحياء وينعم سكانها بالهدوء والأمان والسلامة، وفي 11 شعبان 1427ه أبرمت وزارة الشؤون البلدية عقدا مع أحد المستثمرين لاستثمار أرض مساحتها 1.260.630 مترا مربعا لهذا الغرض، وتنفيذ الخدمات الأساسية في الموقع من السفلتة والإنارة والرصف، ومن ثم التأجير على أصحاب الورش والمصانع ومحال قطع الغيار والتنجيد حتى تتمكن البلدية من نقل كل الورش والمصانع وما في حكمها إلى الموقع الجديد. خلافات الصناعيين والبلدية وفي قت اقترب المستثمر من الانتهاء من تنفيذ الخدمات، كانت نسبة كبيرة من المواقع استؤجرت من قبل الصناعيين، الذين بدأوا العمل في تجهيز مواقع ورشهم ومصانعهم، وهنا بدأت المشاكل التي أخرت انتقال الورش والمصانع إلى موقعها الجديد، حيث رفض عدد ممن استأجروا المواقع الانتقال إلى الصناعية الجديدة بحجة غلاء الإيجارات مقارنة بالمناطق الأخرى، ولكن البلدية حاولت فرض الانتقال عليهم وحددت مهلة للانتقال، والتلويح بتجميد تجديد الرخص لمن يرفض الانتقال، وزاد الخلاف واتسعت رقعته بين البلدية والصناعيين، ولحق ذلك بالمستثمر الذي تعطلت مصالحه وانقضت فترة من العقد المبرم بينه وبين البلدية وسط مؤشرات على استمرار الخلاف الذي ظهر جليا أن بعضا ممن يقودون الخلاف مع البلدية والمستثمر لهم مصالح شخصية قدموها على المصلحة العامة للمحافظة وسكانها بشكل عام، وعلى مصالح إخوانهم الصناعيين الآخرين. وإزاء هذه الخلافات رصدت «عكاظ» آراء السكان والصناعيين في المدينة الذين اتفقوا على أهمية المسارعة بنقل الورش والمصانع إلى الصناعية الجديدة وتغليب المصلحة العامة على المصالح الفردية التي لاتخدم إلا أصحابها وتضر كثيرا بالسكان والمكان. خطر محدق وقال أحمد عفاس الغامدي الذي يسكن بجوار الورش ويعاني وأسرته من أضرارها الصحية والبيئية ويعيشون هاجسا مقلقا من خطر محدق، إن هذه الورش والمصانع أصبحت تشكل خطرا كبيرا وتهديدا لصحتنا وصحة أطفالنا جراء ما يستنشقونه كل يوم من غازات سامة وأدخنة وغبار لوثت المكان. وأضاف أن الكثير من المستأجرين للمساكن لدينا في الحي هربوا خوفا على صحتهم وهربا من الإزعاج الكبير الذي أرق مضاجعهم، وتمنى الغامدي لو كان لديه منازل بعيدة عن هذه الورش ليهرب بأسرته إليها. يحيى الشهراني يسكن قريبا من الورش، يقول: كثرة العمالة الوافدة أصبحت تقلقنا وتسبب لنا صداعا يوميا خاصة في الليل، فنحن لا نأمن على بيوتنا ولا على أطفالنا منهم، حتى إذا خرجنا ذهبنا بهم إلى أقربائنا بعيدا عن هذه الأماكن، مطالبا الجهات المسؤولة سرعة البت في نقل هذه الورش إلى المنطقة الصناعية خارج المدينة. تضارب مصالح من جانبه، أكد عبدالرحمن مفلح وصناعيون آخرون أنهم استأجروا مواقع في الصناعية الجديدة منذ فترة وأنهوا الإنشاءات اللازمة على آمل أن ينتقلوا بأنشطتهم إليها، لكن الخلافات التي تسبب فيها بعض الصناعيين مع البلدية والمستثمر عطلت مصالحهم وأضرت بهم، وقالوا ليس من حق المعترضين التسبب في تعطيل مصلحة عامة للبلد وأهله تحقيقا لمصالح خاصة بهم، ونطالب بسرعة إنهاء هذه الإشكالية لنستفيد من مواقعنا المستأجرة الجاهزة للعمل. ورغم وصول الكهرباء إلى الموقع ما زال الصناعيون المعترضون على الانتقال يؤكدون أنهم لن ينتقلوا إلى الصناعية الجديدة حتى تستكمل الخدمات للصناعية من كهرباء ومياه وصرف صحي، وهذا ما اعتبره المستثمر مبالغ فيه، كون عقده مع البلدية لم يلزمه بذلك، لكنه وافق على هذه الطلبات شريطة أن يدفع المستأجر رسومها، وهذا ما رفضه بعض الصناعيين. تخصيص 16 قطعة وأوضح المستثمر أنه نفذ بنود العقد المبرم مع البلدية وعمل على سفلتة الشوارع العامة والفرعية وإنارتها وإيصال التيار الكهربائي إلى الصناعية، وأنشأ مقرا لإدارة الصناعية تتوافر فيه مكاتب للشرطة والبلدية والمرور والأمن الصناعي، وزود الموقع بسيارة إسعاف، وأخرى للإطفاء، وسيارتين للمرور، وسيارة آلية مهيأة للنظافة، وسيارة مجهزة بكبس النفايات. وأشار إلى أنه وبناء على رغبة محافظ بيشة خصص 16 قطعة تقدر مساحة كل منها ب 600م تؤجر لأصحاب الاحتياجات الخاصة أو الحاصلين على شهادات من المعهد المهني بسعر رمزي قدره أربعة آلاف ريال للسنة الواحدة، وأنه تواصل مع المحافظ إلى خصم 20 في المائة من قيمة كل مستأجر ينتقل إلى الصناعية خلال عام من تاريخ 1/11/1432ه. وأضاف «نظرا لتدخل المحافظ في حل هذه المشكلة قررنا أن تعمل بهذه العقود مع الصناعيين ابتداء من 1/11/1432ه، ولن نلزم من وقعنا معهم عقودا قبل هذه التاريخ بأي إيجار سابق». اجتماع المعالجة أما محافظ بيشة محمد سعود المتحمي فأكد ل «عكاظ» أن الأيام القليلة المقبلة ستشهد اجتماعا يحضره أمين منطقة عسير ورئيس البلدية والمستثمر والمواطنين أصحاب الورش؛ لمعالجة الوضع وحل سوء فهم مضمون العقد بين المواطن والمستثمر، والانتهاء من انتقال الورش والمصانع بأسرع وقت تحقيقا للمصلحة العامة، وحفاظا على سلامة السكان من الآثار الناجمة عن الورش والمصانع وتحسين جمال أحياء مدينة بيشة، وأكد أن السعي إلى تغليب وتقديم المصلحة العامة على المصالح الفردية الخاصة.