يورد بعض الكتاب المحليين أحكاما قضائية عجيبة صدرت عن محاكم أوروبية أو أمريكية مبدين استغرابهم وسخريتهم من تلك الأحكام مشيرين من طرف خفي إلى أنه لا ينبغي التوقف عند بعض الأحكام المماثلة التي قد تصدر عن بعض قضاتنا الأفاضل، مادام أنه يوجد من قضاة العالم الأول من يفعل مثلهم على طريقة «كلهم في الهواء سواء» !. ومع احترامي الشديد أو عدمه لمن يروج لغرائب الأحكام القضائية الصادرة من قضاة أمريكيين أو غربيين، لتبرير وتفسير ما يصدر من أحكام شبيهة من قضاة مسلمين، إلا أن من الواجب التنبه لأمر مهم جدا في هذه المسألة، فالقضاة في الغرب يعتمدون في أحكامهم على قوانين ودساتير وضعية من صنع البشر، فإن خالف بعضهم تلك القوانين والدساتير أو أخفق في تطبيقها أو جاء بأحكام عجيبة غريبة، فإنه يكون بذلك قد خالف نصا قانونيا وضعه البشر لا نصا مقدسا وضعه الخالق العظيم عز وجل. أما القضاة المسلمون فإنهم يحكمون في الدماء والأعراض والحقوق والعلاقات الأسرية بموجب نصوص شرعية مقدسة، فإذا جاء أحد منهم بالعجائب والغرائب من الأحكام أو غلبه الهوى فحكم بغير ما أنزل الله أو جهل الحكم الشرعي فحكم بغيره أو توسع في تفسير النصوص توسعا أدى إلى غير مرادها الشرعي فإن جميع هذه المخالفات ليست مخالفات لقانون وضعي أو دستور مدني، وإنما هي مخالفات لما ورد في كتاب الله العظيم والسنة النبوية المطهرة، ولذلك لا يمكن مقارنة تصرفات القضاة غير المسلمين نحو النصوص القانونية والمدنية، في حالة كون تلك التصرفات مخالفة أو متجاوزة أو مسيئة لتفسير تلك النصوص، بتصرفات القضاة المسلمين إن هم قاموا بالعمل نفسه خلال تعاملهم مع النصوص المقدسة من آيات قرآنية وأحاديث نبوية بنيت عليها أحكام الفقه الإسلامي. وفي جميع الأحوال فإن الخطأ لا يبرر الخطأ إطلاقا فلو افترضنا وجود أخطاء أو تجاوز في أحكام صادرة عن أي قاض في أية دولة في العالم فإن ذلك الخطأ أو التجاوز لا يبرر وجود مثله، فكيف يأتي من يحاول تبرير وجود أحكام قضائية متجاوزة أو غربية في دول إسلامية مصدر التشريع فيها والقضاء كتاب الله الكريم، بوجود مثلها في بلدان تحكم بالقوانين الوضعية في جميع أمورها وتعاملاتها، وهل يمكن قبول مثل هذا التبرير؟!. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 162 مسافة ثم الرسالة